لا يتمالك الزائر لكلية التقنية للبنات في الرياض نفسه من الدهشة لحماس المتدربات أثناء تعاملهن مع الأدوات والمعدات التي تمت إضافتها في معمل تدريب الفتيات في الكلية، من آلات منها: جهاز لاحتساب الوقت الزمني وآلة اللحام الحراري وأخرى لقياس قوة الفولت ومفكات بجميع أنواعها، ليجدهن يتسابقن فيما بينهن أيهن الأسرع في تركيب جهاز الجوال وإصلاح شاشته أيا كان نوعه، حتى أن بعضهن جئن من مسافة بعيدة عن الكلية ليستأجرن مسكنا خاصا حتى انتهاء البرنامج التدريبي. ورغم أن قرار وزارة العمل والتنمية الاجتماعية صدر بقصر صيانة الجوالات وبيعها على السعوديين والسعوديات إلا أن الفتيات سبقن قرار الوزارة وأقبلن على تعلم فك وصيانة الآيباد بجانب أجهزة الجوال ليؤكدن على مهارتهن باقتحام المجال، وأنهن كن فقط بحاجة لقرار توطين وبرامج تدريب ليجذبن الأنظار بمهارتهن، ولتصبح أصابع أيديهن الناعمة قادرة على الفك والإصلاح بوقت زمني قصير. فمن جانبها، أكدت ل«عكاظ» أمل العتيبي، التي أنهت للتو برنامجا تدريبيا للصيانة الأساسية للجوال المنفذ من قبل المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، أنها في بداية التحاقها بالبرنامج كانت تستغرق ساعة لفك جهاز جوال وإعادة تركيبه لكنها اليوم لا تحتاج لأكثر من 20 دقيقة لهذا العمل، قائلة بأنها كانت تتمنى أن تعمل بمجال صيانة الجوالات منذ فترة لكن عدم وجود قسم للهندسة في المملكة جعلها تتجه للبرمجة حتى جاء قرار توطين قطاع الاتصالات كالمنقذ بالنسبة لها. وأشارت إلى أنها تخرجت من قسم الدعم الفني وعملت بجامعة شقراء لكنها لم تجد متعة بعملها وبمجرد ما سمعت عن قرار التوطين وانطلاق تلك البرامج حتى سجلت فيها، لتكون من أوائل الملتحقين للتأهيل على صيانة الجوال. وأضافت: «ألمس حماسا لدى الفتيات أكثر من الشباب وأنا واثقة أن القرار سينجح بسواعدنا، فسابقا كانت الفتيات يحتفظن بهواتفهن القديمة لمنع عامل وافد من مشاهدة صورهن لكن بوجودنا بسوق العمل سيتعاملن معنا دون خوف وسيثقن أن أجهزتهن بأيد أمينة». ومن جهتها، أوضحت بشاير العبدالله وهي تمسك بيدها مفكا وبجانبها موقت زمني لقياس سرعتها أنها في تحد مع نفسها في آخر يوم من البرنامج، ففي أول يوم لها بالدورة استغرقت نحو 65 دقيقة لتتمكن من فك الجهاز وإعادة تركيبه، هذه المدة تقلصت في كل يوم وهي تطمح أن تتمكن من الانتهاء خلال 15 دقيقة لكي تتفوق على بقية الفتيات. ونوهت العبدالله إلى أن العمل في صيانة الجوال من المجالات التي كانت تتوق إليها فهي خريجة نظم معلومات منذ سنة ولم تجد عملا في مجالها، حتى سمعت بقرار التوطين وانطلاق البرامج التدريبية المجانية الذي اعتبرته جاء كتعويض للفتيات عن غياب أقسام الهندسة والإلكترونيات، ومحدودية المجالات والتخصصات الدراسية أمامهن. وانطلقت بشاير في الحديث بسرعة وعينها مثبتة على الموقت الزمني خوفا من انتهاء المدة قبل انتهاء عملها، مؤكدة أنها تنوي العمل بعد إنهائها للبرنامج لاكتساب خبرة سوقية وعملية تؤهلها لافتتاح محل صيانة جوالات، حيث إن الوقت قد جاء لتتعامل الفتيات مع فتيات مثلهن بالصيانة دون أن يضطررن لإبقاء هواتفهن بالأدراج المغلقة خوفا من وصول ذكرياتهن وصورهن لأحد لا يحق له شرعاً أن يطلع عليها.