يبدو أن طهران لا يهمها الحج ولا مناسكه، حتى وإن ماحكت كثيرا حول هذا الأمر، فالهدف السياسي يبعدها عن الهدف الديني الأسمى الذي سيتعايش معه كل إيراني مسلم يعزم على أداء فريضته سواء كان شيعيا أم سنيا. طهران تحاول جاهدة إقناع العالم الإسلامي وحتى الشعب الإيراني بأن المملكة العربية السعودية تمنع المواطنين الإيرانيين من أداء فريضة الحج، بينما الواقع هي من تفعل ذلك برفضها التوقيع على محضر الاتفاق لإنهاء ترتيبات موسم الحج القادم. السعودية تحاول منع المهاترات بوضع اشتراطات تغلق باب السياسية في وجه حملات الحج الإيرانية المسيسة، وتفتح باب الحج الديني الحقيقي أمام كل مسلم يرغب في أداء الركن الخامس، أما أن يكون الحج ساحة معركة سياسية، هذا ما ترفضه المملكة التي اشترطت أن تحصل إيران على تأشيرات الحج من دولة مجاورة لها، أو من أي دولة أخرى، إذ يتعذر أن تُستخرج التأشيرات من إيران بعد أن أغلقت السعودية سفارتها في طهران، وقنصليتها في مشهد إثر العدوان الذي وقع عليهما في يناير الماضي من قبل أفراد من الحرس الثوري الإيراني على أنهم مواطنون غاضبون! منذ الثمانينات الميلادية وموسم الحج بالنسبة لطهران فرصة نادرة علها تقتنص فيه نصرا طائفيا، بإثارة البلبلة، فالحج -من وجهة نظرها- هو الزمن الحياد، والمكان الحياد الذي ربما تجيد اللعب فيه بالنار، حيث الازدحام والطوائف، والعالم الإسلامي. لذا، منذ تلك العقود الماضية وتنظيم الحج يقلقها ويغيضها بدءا من تحديد عدد الحجاج، مرورا بتحديد الموسم، إذ تود لو حملت الجيش الثوري بكامله في طائرات حربية قائلة «هؤلاء هم الحجاج الإيرانيون»! طهران اليوم تفتح صنوبر الأكاذيب ليملأ شوارع مدن وقرى إيران بكاملها في أن السعودية هي من ترفض الحجاج متبعة بذلك أسلوب وزير الدعاية والسياسة الألماني جوزيف جوبلز الذي روج للفكر النازي بأكاذيبه قائلا: «كلما كبرت الكذبة سهل تصديقها»، كذلك يفعل الملالي في طهران، وإعلامهم البليد الذي يستحضر جرائمهم الفوضوية التي راح ضحيتها حجاج أبرياء على أنها جرائم السعودية تجاه الحجاج الإيرانيين.. بينما بلاد الحرمين لا تدخر وسعا في خدمة ضيوف الرحمن. هذا العام لا يهم أن تحج طهران أو لا تحج، لكنها -أمام الله- تتحمل مسؤولية كل الراغبين من مسلمي إيران بالحج، وهي تمنعهم منه.