حظي إعلان رؤية «السعودية 2030» باهتمام عالمي ووصفها كثير من الخبراء ب«النقلة النوعية» في تاريخ الاقتصاد السعودي، واعتبرت بعض الصحف العالمية أن التوجه إلى تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط يعتبر أهم محاور الرؤية، التي تسعى إلى تحرير المملكة من هيمنة النفط. واهتمت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية بالخطة الاقتصادية التي أعلنها ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، التي قدم فيها رؤية لاقتصاد المملكة بحلول عام 2030. وقالت الصحيفة: إن السعودية هي المرادف تقريبا لصناعة النفط، لكن المملكة تتحرك الآن لإنهاء اعتمادها على النفط. وتحدثت الصحيفة عن خطة الأمير محمد بن سلمان، الذي وصفته بأنه الأمير الذي يصعد سريعا، والتي قال فيها: «إن المملكة ستكون بحلول عام 2030 غير معتمدة على النفط، وستكون لاعبا عالميا على ساحة الاستثمار العالمية»، وهو وما وصفته الصحيفة بالتغير الكبير. وقالت: إنه في المملكة التي ظل النفط المهيمن على اقتصادها منذ اكتشافه في ثلاثينات القرن الماضي، حققت الحكومة مليارات الدولارات من تلك الصناعة ومكنت الحكومة السعودية من تقديم فوائد سخية لمواطنيها. وفي السنوات الأخيرة كانت صناعة النفط تمثل 90 % من دخل المملكة. واعتبرت الصحيفة أن الإجراء الأهم في الخطة الاقتصادية للأمير محمد بن سلمان هو طرح جزء من أسهم شركة أرامكو الحكومية للاكتتاب. وقالت: إنه رغم أن الجزء الذي سيعرض للبيع 5 % فقط، إلا أن حجم أرامكو الذي قدره الأمير محمد بن سلمان بأكثر من 2.5 تريليون دولار، يعني أن هذا سيكون أكبر اكتتاب في التاريخ، وسيستخدم جزء من الأموال في إنشاء أكبر صندوق للثروة السيادية للاستثمار في الخارج. وأشارت الصحيفة إلى أن الأمير محمد بن سلمان قلل من صلة الخطة بانخفاض أسعار النفط، وقوله «إن على البلاد أن تجري إصلاحا بغض النظر عن هذا». ونقلت واشنطن بوست عن الخبير بمعهد دول الخليج العربي في واشنطن والمحلل السياسي السابق بالسفارة السعودية فهد الناظر قوله «إن الدولة السعودية ربما تقدم عقدا اجتماعيا جديدا لمواطنيها»، وأضاف: «إن الضرائب الجديدة وخفض الدعم ربما يصاحبه توسع تدريجي في الحيز المتاح للمواطنيين السعوديين في عملية اتخاذ القرار السياسي». من جهة أخرى، أوضح أحد مديري معهد ماكنزي العالمي جوناثان ويتزل، أن ثلاثة أرقام تعبر عن أهمية الإصلاحات الاقتصادية في المملكة (اثنان- أربعة- ستة). بحلول عام 2030، من الممكن أن يتضاعف الناتج المحلي الإجمالي ليسجل ارتفاعا بواقع 800 مليار دولار، أي ما يعادل اقتصاد تركيا اليوم أو ثلاثة أضعاف اقتصاد فنلندا. كما يمكن تحفيز الاقتصاد غير النفطي من خلال استثمارات محلية ودولية بواقع أربعة تريليونات دولار تأتي معظمها من القطاع الخاص عن طريق الاستثمار المحلي والأجنبي. إضافة إلى ذلك، تستطيع المملكة استحداث ستة ملايين فرصة عمل، أي ما يكفي لاستيعاب تدفق المواطنين الشباب إلى سوق العمل. وأشار معهد ماكنزي في تقرير له إلى أن القطاع النفطي يعتبر في الوقت الراهن صغيرا نسبيا لكنه يزخر بالإمكانات والقدرة على النمو وزيادة الإنتاجية. ويحدد التقرير ثمانية قطاعات ذات أولوية هي (التعدين والمعادن، البتروكيماويات، الصناعات التحويلية، تجارة التجزئة والجملة، السياحة، الرعاية الصحية، التمويل، والبناء). يمكن لهذه القطاعات أن تساهم بأكثر من 60% من إجمالي النمو المطلوب لمضاعفة الناتج المحلي للسعودية بحلول العام 2030، إضافة إلى استحداث الملايين من الفرص الوظيفية لاستيعاب الشباب السعودي الذي سيصل إلى سن العمل بحلول هذا التاريخ. وحول الاستثمار الهادف، يشير التقرير إلى حاجة استثمار نحو أربعة تريليونات دولار أمريكي لإحداث نقلة نوعية في الاقتصاد تتمثل في دفع النمو غير النفطي. وعلى الرغم من إمكانات المملكة المالية وغير المالية بما في ذلك الاحتياطات التي بلغت نحو 100 % من الناتج المحلي في عام 2014، يشدد التقرير على أهمية جذب معظم الاستثمارات من القطاع الخاص، سواء من المستثمرين السعوديين أو الأجانب. ووصفت صحيفة «التلغراف» رؤية «السعودية 2030» بأكبر حدث في تاريخ المملكة اقتصاديا واجتماعيا، سيتجه بشكل مباشر في أحد خطوطه نحو تعزيز دور المرأة السعودية في سوق العمل. وأشارت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأمريكية إلى طريقة تفكير ولي ولي العهد، لافتة إلى أنه يحاكي أسلوب عبقري الحاسوب ومؤسس شركة آبل العملاقة ستيف جوبز الذي لم يشغل نفسه بتأمل المشكلات وكيفية حلها فقط بل بالتطلع إلى الفرص المتاحة أمامه.