نعلم أن لمفهوم الترفيه أبوابا كثيرة، ولكن بعيدا عن مشروع هيئة الترفيه، اختار الكثير من السعوديين استقبال الخبر بحفاوة «النكتة» التي تعد ترفيها بحد ذاتها، صحيح إن النكت تثار على أي قضية لا تقابل بالإعجاب، ولكن ربط «هيئة الترفيه» بالنكتة في أحد الجوانب ما هو إلا محاولة في جعل النكتة موضوعا وأسلوبا تعبيريا عن رمزيتها في مدى الحاجة للترويح عن النفس بالترفيه. صناعة النكتة فن، وهي تخضع كدلالة لحدوث متغيرات ثقافية، وتكشف لنا كتعبير رمزي عن الكثير من الأمور التي يتطلع إليها أفراد المجتمع، وحينما تقدم في لغتها وفكرتها نوعاً من النقد الساخر فيمكن التعبير عنها بنكتة الوعي، لكونها تمثل وسيلة علاجية للخروج عن الشعور السلبي الناتج من الأزمات، بعضها يكون في شكل التذمر من الواقع، وبعضها يقدم بشكل لاذع يجابه الظروف القاسية، غير أنَّ انتشارها في مجتمع ما ينطوي على ظروف ومضامين وأبعاد ثقافية، ومن المهم أن تؤخذ كمعيار تقييمي لما يفكر فيه الشباب ويتطلعون إليه. الطاقة التي يتمتع بها الشباب كبيرة وحصار الفراغ والبطالة لهم يجعلهم في أزمة، وإذا لم تجد طاقاتهم متنفسا في البناء ستذهب للبحث عن متنفس آخر في الهدم، لذلك سنجد بعضهم رغما عن سوء النتيجة التي يصلون إليها يتفاخرون بالتندر من فشلهم وعبثهم وتعثرهم في ظل إحساسهم بالعجز واللا معنى، بينما يقابل المجتمع شبابه بالتذمر والإهمال والغضب والعقوبات الصارمة، الأمر الذي يزيد المسألة تعقيداً. إن اللجوء إلى أساليب النكتة للترويح النفسي أثناء التعامل مع أي شأن يلامس حياة الإنسان ومصلحته يعني أن الأمر وصل إلى مراحله الأخيرة من القدرة على التحمل والاستيعاب، ولدينا شريحة واسعة في المجتمع لا يكفيها أن تقضي أوقات فراغها في الترفيه فقط، إنما هي بحاجة للتقدير الاجتماعي والفاعلية وتقديم الذات بالفائدة حتى يكون للترفيه معنى في حياتها، وإن كانت النكتة إحدى وسائل الترفيه الشائعة حتى في تلك الموضوعات التي تحمل التطلعات المستقبلية لواقع أفضل، فسنجد أن المجتمع متحفز لقبول أي من الأفكار التي تحمل الترفيه على النواحي المجدية والمسلية والنافعة في نفس الوقت، ومن المهم أن تجد أوجها متعددة لتفعيلها في جوانب الحياة العامة، حتى تكون إحدى الطرق التي تمنح للإنسان الخيارات ليوجد لنفسه نمطا يوازن فيه بين جوانب حياته بإيجاد الفرص الموائمة، ومن ضمنها تلك التي يجد الحاجة بقضاء أوقات فراغه فيها. [email protected]