طرق السعوديون بابا آخر للتطوير تزامنا مع رؤية السعودية 2030، وهذه المرة بمقرعة هيئة الترفيه، التي أعلن عن تأسيسها أمس الأول وحلقوا معها بأمنياتهم وتطلعاتهم في سماء التغيير، حتى ذهبوا بعيدا في صياغة الأفكار الملهمة لتحقيق السعادة والأمن الاجتماعي، متخطين بها حدود وقتهم الحاضر إلى مستقبلهم القادم. وليس غريبا أن تولي الحكومة السعودية رفاهية المواطن وسعادته أهمية خاصة في خضم هذه التغييرات الواسعة والتحديات المتواترة، حتى وهي كبقية دول العالم تقارع أمواج العواصف الاقتصادية المتلاطمة، وتجابه الأوضاع المضطربة لآسواق العالم الكبرى وتداعياتها الواسعة، لكونها تؤمن كثيرا في الكوادر التي تشمر عن سواعدها وتسهم بفاعلية في بناء الوطن والنهوض به على نحو يوازي الرؤية الطموحة التي تزيدها ثباتا واستقرارا، مدركة أن ذلك لن يتأتى دونما حوافز ملهمة وبيئة مساعدة من شأنها مضاعفة الجهد وزيادة الفاعلية وتعزيز الانتماء بالوطن والشعب وولاة الأمر. يمكن القول إن تخصيص أجهزة حكومية للترفيه والسعادة هو في واقع الحال ليس أمرا جديدا وسبقتنا إليه بعض الدول، لكنه في السعودية تحديدا سيكون حتما أكثر أهمية ليس لزمانه ومكانه فحسب، بل لأنه يأتي متسقا والرؤية المستقبلية التي أعلن عنها أخيرا وتستهدف رفاهية واستقرار بلد مترامي الأطراف والمسؤوليات وبكامل خصوصيته وعاداته وطبيعته، فسبق أن أنشات مملكة بوتان الواقعة في جبال الهيمالايا وزارة السعادة الوطنية في العام 1972، وهي اليوم واحدة من أكثر دول العالم سعادة وفق إحصاءات جامعة ليستر، في حين أن فنزويلا قامت بإنشاء وزارة للسعادة الاجتماعية قبل ثلاثة أعوام، قبل أن تخصص الإمارات العربية المتحدة وزارة للسعادة منذ أشهر، لتأتي هيئة الترفيه السعودية لتكون واحدة من أكثر أجهزة الدولة أهمية لارتباطها بالمواطن السعودي وتحقيق سبل الحياة الكريمة له داخل وطنه وخارجه. وضعت الحكومة السعودية الترفيه بين قوسين متباعدين، ما بينهما جملة خطط وقرارات تستهدف كبح بواعث الإحباط، وإسباغ الكائنين على هذه الأرض بما يزيد المواطنين عليها سعادة ويطرب خواطرهم ويزيح عنهم عبء الضغوطات اليومية ويتصدى للكثير منها، بجعل هذه البلاد واحة آمنة للحياة الكريمة وبيئة صالحة للارتقاء بالإنسان والدفاع عن حقوقه، ولذلك سيكون دورها وفق المؤمل والمنشود منها، ومعنيا بشكل خاص بنواح مهمة وجوهرية، تتخطى حدود التسلية واللهو إلى ما هو أعمق من ذلك، لاسيما بما يتعلق بتوفير الحياة الكريمة للشعب والدفاع عن حقوقهم. ويفترض أن تكون قائمة مطالب السعوديين من هيئة الترفيه التي أتخمت بها وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، أجندة العمل في الهيئة الجديدة التي يرأسها أحمد الخطيب، خصوصا تلك التي تقاطعت حولها الأمنيات وواكبت الأهداف الرئيسية من وجود هذه الهيئة، وأبرزها الحفاظ على الأمن الوطني وتعزيز الأمان الاجتماعي إذ إنهما مكتسبان أساسيان تنعم البلاد بهما، والحفاظ عليهما أهم المطالب التي تنبثق عنها العديد من الأمنيات الشعبية، في حين أن الأمن منصة الاستقرار وقاعدة السعادة وأولى الخطوات في طريق التطوير والنهضة والسعادة. كما أن تحقيق رفاهية الأسر والأفراد وتنويع مصادرها مطلب مشترك وأساسي يتمثل أولا في الدفاع عن حقوقهم وحصانتهم من غوائل الأيام، وزيادة المنافع وابتكار المشاريع المثمرة والفعالة، ومواكبة الكثير من الدول المتقدمة في إيجاد سبل الترفيه والتسلية وفق ما تسمح به الأنظمة والقوانين. ويتعين على رئيس هيئة الترفيه الخطيب الاقتراب من هموم الناس والعمل على بلورة آرائهم فيما يضمن لهم السعادة والحياة الكريمة، وقبل كل ذلك إزاحة الرؤى القاتمة والغشاوة السوداوية عن المفاهيم الحية التي تتمحور حولها مسؤوليات الهيئة، والنأي بها عن الرتابة والتقليدية ووضع أهداف واضحة وموقوتة من شأنها القفز فوق حواجز التعطيل والإحباط.