خلال الأيام الماضية كان الإعلام الأجنبي يترقب ما إذا كانت المملكة ستعلن حقا رؤيتها التي تحدثت عنها وأكد عليها بشكل خاص ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مهندس الشأن الاقتصادي. الحقيقة أن بعض وسائل الإعلام كانت تلمح من خلال بعض التعليقات والمقالات إلى أن القضية مجرد تنظير كلامي لتجاوز الأزمة الاقتصادية والنفسية لانخفاض أسعار النفط، لكنه غير قابل للتطبيق لأن الإدارة التقليدية في المملكة غير قادرة على تغيير نمطيتها للدخول في مسار التحديات الكبيرة. وكان بعض الكتاب الأجانب يحاولون ترسيخ هذه النظرة لدى المتلقي المحلي الذي يتابعهم هنا، وأيضا لدى الأوساط الاقتصادية هناك لخلق حالة من عدم الثقة في المشروع الاقتصادي التنموي السعودي الحديث. وعلى أي حال فإن ما حدث كان ردا عمليا سعوديا واثقا ومتجاوزا لكثير من التوقعات، وكان يوم إعلان الرؤية السعودية تحت شعار 2030 تأريخا فاصلا بين مرحلتين مختلفتين تماما، مرحلة السعودية التي تتفاعل مع المتغيرات بعد حدوثها وتحاول التكيف معها بأقل الأضرار، ومرحلة السعودية التي تستبق الأحداث وتجهز نفسها للتعامل مع المستقبل بثقة ورؤية واضحة محددة. إن مجرد وضع إطار زمني لأي مشروع والالتزام به هو في حد ذاته نقلة نوعية غير معتادة، وعندما يكون المشروع واضح المعالم والأهداف فإن ذلك هو المسار الصحيح لأي وطن يريد الانتقال إلى الأفضل، وفي النهاية لا بد أن يكون واضحا جدا أن هذا المشروع هو مشروع وطن وليس مشروع دولة فقط، فكل مواطن مسؤول بمشاركته الفاعلة في تحويل الطموح إلى واقع.