منذ أن أعلن عن اسم الرواية الفائزة بجائزة البوكر لهذا العام والشاعرة الدكتورة أمينة ذبيان يجيء ذكرها في أي تعليق حول الرواية أو حول الجائزة. هنا «عكاظ» تفتح معها صندوق الأسئلة المغلقة وتكشف ظروف الجائزة والمزيد المزيد من التفاصيل: ● حسمت «مصائر: كونشرتو الهولوكوست والنكبة» للروائي الفلسطيني ربعي المدهون المنافسة وفازت بالبوكر، كيف ترين هذا الفوز وأنت رئيسة اللجنة وأحد المتحمسين للرواية مبكرا؟ - ليس بين الروايات المقدمة من يملك تلك الثيمة المتراوحة بين النفي والإثبات لأزمة الحنين إلى الوطن وهو فلسطين. في حالة «مصائر» نقف بين رواية متداخلة بين الفرد والآخر، وهي مذهلة ولا تقف خارج الروايات المذهلة والكتب النوعية المتطورة من حيث آلية التركيب ونهضة البنى الداخلية للكتاب أي في «مصائر» تقف الرؤية الحداثية وأطر التجدد والاحتراف كمرسى متطور بين فيضان القول اللفظي ومعنى الإنتاج الكتابي، وهنا أقول بين الشخصية المركبة، كبعض الشخصيات المتطورة في تجربة المدهون في «مصائر»، ليس السرد حد أدنى للقول وإنما هو بعد مضاعف ونسبي وقوي، ومنه يأتي التركيب القوي للرواية في غياب الوطن الحقيقي المسلوب أو المستلب أو النهضوي، وهكذا يتطاول العرف على المعنى، أو هو ما يقال من معنى بلا إنسان حقيقي، وكذلك ليس الكونشيرتو الذي تعزفه المقاطع الأربعة من الرواية نظرية وإنما هي توقيع على أصول الأزمات النفسية والاجتماعية- السياسية في منطق المصير وغرابة التراكيب والبنى بين مصير ومصائر، أو هو ثنائية الوعود والإنسان غير المتمكن من نهاية الحياة أو بدايتها، فالأزمه تبدأ من الهولوكوست وتتوقد بنكبة 48 وبعدها ما جاء من هزائم أو مسلمات للمعنى الإسرائيلي لنهاية الكتاب نكبة الإنسان الفلسطيني داخل وخارج الأرض (الوطن)/ الثقة، المصير، العناية، الوجود، والهوية المثلى. إذن من بين كل ما قرأنا نبتكر بندا إضافيا لفكرة النفي الداخلي والخارجي للفلسطيني في غرف حيفا الضيقة، وهو ما يعنيه مصير أو مصائر في طبيعة النص، وهكذا فاز النص الرواية. أرى الفوز مبهرا وقد سبق أن ظهر انتصار الرواية الفلسطينية في أعمال إميل حبيبي وغسان كنفاني وجبرا إبراهيم جبرا، كما ظهر في أعمال شقير. وهكذا ينتصر العمل الأصيل. لا عقبات ● مرت البوكر في هذه الدورة بعدة عقبات، كيف كان تأثيرها على مسار التصويت والحسم؟ - لم نمر والجائزة بعقبات حقيقية في هذة الدورة، إذا كنتم تقصدون مشكلة رواية «في الهنا» للأديب طالب الرفاعي، فالمسألة تتعلق بعدم التزام الرواية بشرط توقيت التقديم، والمسألة تعني الأمناء وليس المحكمين، رواية «في الهنا» موجودة في القائمة الطويلة، ولكن لم يسمح لها بدخول القائمة القصيرة وهو قرار منفصل تماما عن لجنة التحكيم التي أرأسها، ولقد جاء من رئيس الأمناء. آفاق الجائزة ● ما توقعاتك لآفاق الجائزة في السنوات القادمة؟ - في الرواية العربية إذعان كامل للجائزة العالمية للرواية العربية، وهي تقود الرواية والإنسان المثقف أيضا، وأتمنى لها النجاح. إلا إذا تهافت الناس على الأضعف من الكتابة. مصائر الروايات ● هل ترين أن الرواية الفائزة هي الأفضل، أم المحظوظة التي تتجاوز المحطات الأولى لقوائم الجائزة؟ - أشرت في البداية إلى أهمية رواية «مصائر» الفائزة، بقي أن أقول إن الحظ لا يلعب دورا في حضور خمسة من المحكمين الأقوياء ولا وجود له أصلا، وهكذا نبقى في الجودة، جودة النص وإبداعه. الشعر والرواية ● عموما، فيض جوائز الرواية عربيا هل هو تأكيد على انتهاء زمن الشعر؟ - ليس الشعر في مجاراة الرواية حاليا، لم يعد للشعر ناشر في العموم، والاستثناء وارد، نحتاج لجائزة للشعر في حجم الجائزة العالمية للرواية العربية. والشعر في خطر نعم بكلِ أشكاله. (وشكرا على إثارة هذا الموضوع). الرواية الفتنة ● سؤال أخير لك كقارئة، ما الرواية التي تفتن الدكتورة أمينة؟ ليست الفتنة ما نهدف إليه، ولكن تكامل العمل الروائي كما ذكرت سابقا يحمل أبجدية النجاح، والقص سر لا يعلنه المؤلف، وليست الفتنة تعني الناقد وإنما البحث عن جماليات العمل وهو قلب وقالب، أو هو بين الإشباع وبين التطرف في التقنية والثيمة.