يسارع أحد الزبائن إلى مغادرة صالون للحلاقة في ماراكيبو شمال غرب فنزويلا، ولم ينه الحلاق قص شعره بالكامل على أن يعود بعد أربع ساعات مع عودة التيار الكهربائي الذي يزيد تقنينه من استياء الناس. وقالت صاحبة صالون «عالم الجمال» كارميلا دو لا هوز: «إذا لم تتوفر الكهرباء كيف سأدفع أجور الموظفين الخمسة وإيجار الصالون؟ إنها كارثة، لم يعد بوسعنا العيش هنا». فمنذ بضعة أيام تشهد في ماراكيبو، المدينة الثانية التي يبلغ عدد سكانها 1.5 مليون نسمة اضطرابات وعمليات سلب ونهب، وتظاهرات غاضبة، وسط مشاهد حرق الإطارات وقطع الطرق، تعبيرا عن غضب الشعب الفنزويلي واستيائه من استمرار الأزمة الاقتصادية وانقطاع الكهرباء. فيما دفعت هذه الأزمة المزدوجة الرئيس الاشتراكي نيكولا مادورو إلى الإعلان عن تدابير استثنائية، مثل خفض أيام العمل إلى يومين فقط في الأسبوع للموظفين، وقطع التيار الكهربائي أربع ساعات يوميا في أجزاء كبيرة من البلاد، باستثناء كراكاس. وفي أعقاب الاضطرابات التي وقعت في الأيام الأخيرة، أرسلت الحكومة إلى ماراكيبو عناصر لمكافحة الشغب من الحرس الوطني (جنود) للقيام بدوريات في الشوارع، ومراقبة صفوف الانتظار الطويلة في السوبرماركات للحيلولة دون تكرر الاضطرابات. وأكدت كارميلا «هذا وضع ميئوس منه يمكن أن ينفجر في أي لحظة»، وإلى جانبها تبدو الموظفة ماريا تيتي (61 عاما) غاضبة أيضا من جراء تقنين التيار الكهربائي، بينما تضطر إلى الانتظار ساعات أمام السوبرماركت التي غالبا ما تكون رفوفها فارغة، لشراء حاجياتها. وقالت: «احتمل صفوف الانتظار، وتمكنت من شراء خمسة كيلو غرامات من اللحم تقريبا من متاجر مختلفة، لكن كل شيء تعرض للتلف؛ بسبب توقف الثلاجة لعدة ساعات كل يوم». وأضافت: «نحاول البقاء على قيد الحياة، لكن الأمور تزداد سوءا كل يوم، غادرت ابنتي البلاد، لا مستقبل هنا». وفي مشغله الصغير للنجارة، يجد خوسيه اورتيغا (45 عاما) صعوبة في ممارسة مهنته أيضا، وقال: «لا يبلغوننا عندما يريدون قطع التيار الكهربائي، فجأة يتوقف كل شيء! لا يتاح لنا الوقت حتى لإطفاء الآلات، إنه الصمت التام». ويعرض الصياد رامون موريللو (58 عاما) لوكالة فرانس برس ثلاجته التي اضطر لدفع 14 ألف بوليفار، أي ما يساوي الحد الأدنى الشهري للأجور تقريبا لإصلاحها، وقال: «نشعر إننا نتعرض للسلب والنهب بسبب انقطاع التيار الكهربائي وشح المياه والمهربين». وكانت فنزويلا التي تملك أكبر احتياطات النفط في العالم، قد تعرضت لنكسة كبيرة من جراء تراجع أسعار النفط، أبرز مصادرها للعملات الصعبة. وباتت البلاد تعاني من نقص المواد الأساسية (الزيت والحفاضات والأدوية وغيرها.) ومن التضخم الذي يعد الأعلى في العالم (180،9 % سنويا في 2015). في حين لم تتخذ الحكومة الإجراءات الضرورية عندما بدأ الناس يواجهون نقص الكهرباء؛ بسبب موجة جفاف حادة ناجمة عن ظاهرة ال «نينيو» المناخية. وقالت شركة «كابيتال ايكونوميكس» للدراسات الاقتصادية: «إن فنزويلا التي واجهت في 2010 آخر أزمة كهرباء تمكنت من استيراد الطاقة، لكن هذا الخيار ليس مطروحا الأن بسبب نقص العملات الصعبة». واعتبرت أن الأزمة الحالية يمكن أن تؤدي إلى خفض إجمالي الناتج المحلي 1.5 نقطة هذه السنة، وزيادة الانكماش الاقتصادي إلى 9.5 أو 10 %»، وهو أسوأ أداء اقتصادي في العالم.