يكتظ تاريخنا المحلي بالمشاهد التراثية ذات القيمة التاريخية أو الفنية، وتتناثر في أنحاء المملكة الآثار المعمارية والمواقع البيئية التي تمثل جمال المكان وتحكي أخبار السنين، لكن ذلك كله ظل مهملا زمنا طويلا، فضاع خلاله ما ضاع من الآثار، وتهدم منها ما تهدم، إلى أن ظهر الاهتمام بحفظ الآثار والفنون التراثية بجميع أشكالها، مع تأسيس الدولة للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني. وتلا ذلك، في عام 1431 تأسيس الجمعية السعودية للمحافظة على التراث بجهود ذاتية تقودها رئيسة مجلس الإدارة صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبدالله، فكان لتأسيسها دور بارز في نشر الثقافة التراثية في المجتمع، واستطاعت الجمعية رغم صغر سنها، أن تترك بصمة واضحة الأثر في لفت الأنظار الغافلة إلى ما يوجد في بلادنا من تراث وآثار جميلة تستحق أن تحفظ وأن يطلع عليها العالم كله. يوم الاثنين الماضي احتفلت هذه الجمعية بيوم التراث العالمي، فأقامت مهرجانا جميلا في مركز الملك فهد الثقافي احتوى معارض لمنتجات تراثية متنوعة من مختلف مناطق المملكة، كما احتوى عددا من الورش التدريبية على الفنون التراثية، وعددا من الندوات الثقافية حول الجهود العالمية المبذولة للمحافظة على التراث في العالم. الشيء الجديد الذي احتواه هذا المهرجان هو جناح جامعة الأميرة نورة، حيث شاركت الجامعة بمعرض (نساء في ذاكرة الوطن) وهو معرض يمثل نموذجا مصغرا لما سيكون عليه (متحف الملك عبدالله للمرأة) الذي تزمع الجامعة إنشاءه داخل حرمها، حيث سيختص المتحف بحفظ وتوثيق وعرض التراث النسائي وما حققته المرأة في بلادنا من إنجازات عبر قرون ثلاثة خلت وإلى اليوم الحاضر. وقد استفاد المعرض من التقنية الحديثة، فقدم من خلالها بعض النماذج لمحتويات المتحف المنتظر وما سيكون عليه. وحسب ما شاهدت فإن المحتويات بدت مثيرة للاهتمام، مختلفة عما اعتدنا مشاهدته في المتاحف عادة، فما اعتادت المتاحف عرضه من تراث النساء، ينحصر غالبا في التراث المادي للمرأة كالحرف المتنوعة والمأكولات والأزياء والحلي، أما هذا المتحف فقد ظهر معطيا عناية خاصة لتراث النساء غير المادي، كعرض مشاركات المرأة في النشاط السياسي وفي المعارك القتالية وفي مجالات نشر العلم وفي العمارة والفنون والعمل الخيري وتنظيم المجتمع وغير ذلك من الإسهامات المعنوية التي قدمتها المرأة وظلت مطمورة قرونا طويلة لا يعرف الناس عنها شيئا. شكرا لجامعة الأميرة نورة على هذه الالتفاتة القيمة نحو إحياء التراث المعنوي لنساء الوطن. شكرا لهذه الجامعة الفتية التي وضعت نصب عينها خدمة المرأة في بلادنا وتعزيز نهضتها وتمكينها لتكون قادرة على أداء دورها الإيجابي في خدمة المجتمع وتلبية احتياجاته.