تعد “مدينة الطيبات» التي أسسها عبدالرؤوف خليل أحد المعالم البارزة في مدينة جدة، متضمنة أهم المتاحف بالمملكة.. بما جعل منها مدينة للتراث والعلوم والمعرفة، وجاءت ثمرة لعشق عبدالرؤوف للتراث الإسلامي، حيث برز فيها تأثره بالفنون الإسلامية، مترجمًا هذا العشق من خلال إنشاء “مدينة الطيبات”.. ومدينة الطيبات في الأصل مبرة خيرية يعود ريعها للفقراء والمساكين، وابتدأ مشروع إنشائها عام 1408ه، وتم تشغيله جزئيًّا في عام 1414ه، وانتهى المشروع كليًّا في عام 1417ه، وبنهاية عام 1418ه أضيف إليها مركز الثقافة والصناعات الوطنية بالمملكة العربية السعودية وإنشاء المركز الحضاري في الإعجاز العلمي للقرآن والسنة، وفي عام 1419ه تم إنشاء جناح خاص عن مسيرة المؤسس الملك عبدالعزيز المغفور يرحمه الله. وفي مدينة الطيبات تتجسد أمامك مدينة مصغرة لجدة القديمة ببيوتها المبنية من الحجر البحري، ورواشينها وأزقتها. تقع مدينة الطيبات في حي الفيصلية بمدينة جدة، حيث تجذبك عندما تمر بها، ويلفت انتباهك تصميمها وطابعها المميز، ومساحتها الشاسعة ومحتوياتها الأثرية، حيث تبلغ مساحتها عشرة آلاف متر مربع، وتتكون من 12مبنى منها المسجد، ومبرة الطيبات الخيرية، ومركز عباد الرحمن لبيان علوم القرآن، ومركز علوم التراث، وجامعة الطيبات المفتوحة، ومركز الطيبين والطيبات التعليمية، ومركز تدريب الموهوبين، ومتحف الطيبات للعلوم والثقافة والفنون، ومتحف عبدالرؤوف حسن خليل، ومتحف الفنون المنزلية، ومتحف درة الثقافة الوطنية، وبيت عبدالرؤوف خليل التراثي. ومركز تقريب العلم وترجمته، بالإضافة للمكتبات ومراكز المعلومات. كما تحتوي على المرافق الصحية المتمثلة في المستوصف، بجانب خان آل خليل، وشبكة التلفزيون الداخلية بالمدينة، وشبكة الاتصالات بالمدينة، وأمن المدينة، والصيانة العامة بالمدينة. كما تضم المدينة مكتبة كبيرة تحتوي على أكثر من (200) ألف كتاب ومرجع في مختلف العلوم والمعرفة. 4 أدوار و130 جناحًا ويتوزّع متحف “الطيبات” على أربعة أدوار؛ تشتمل على أكثر من 130 جناحًا تضم حوالى (390) غرفة وممرًا داخليًا، وعددًا كبيرًا من الممرات. ومقتنياته التراثية والأثرية يتجاوز عددها المليوني قطعة، تشمل الحرف اليدوية من صناعة الفخار والحفر على الجص والزخرفة وغيرها. كما أقيمت في المدينة العديد من محلات بيع التحف والمقتنيات المختلفة التي تضفي على المدينة شيئًا من الحيوية، كما تدر عليها دخلًا يستغل في صيانة المدينة ونظافتها، ويحتوي المتحف على قسم القرآن الكريم، وقاعة خاصة بكسوة الكعبة الشريفة، وتشمل بعض قطع الكسوة على تدرجها التاريخي حتى أن بعض القطع توجد من عهد المماليك. مع شرح لمراحل صناعة الكسوة حتى تأسيس مصنع خاص بها في مكةالمكرمة، إنفاذًا لأمر الملك عبدالعزيز يرحمه الله، كما يحتوي المتحف في أحد ممراته على مجسّم لمقام نبي الله إبراهيم عليه السلام، كذلك هناك جناح خاص بالمنمنمات والرسومات الدقيقة المغولية والفارسية كتبت وترجمت بلغات أخرى بعضها يعود للقرن الخامس الهجري. مقتنيات متنوعة ويزين عددٌ من المجسمات ممرات المتحف؛ بعضها يجسّد حضارات بعض الأمم كمدائن صالح وحضارة المسلمين في الأندلس وغيرها من الحضارات، بالإضافة إلى اللوحات والتي غطت كل حائط في كل ممر من ممرات المتحف وفيها بعض الكتابات التوثيقية لما تحويه هذه الممرات من قطع تراثية وأثرية، ويشتمل المعرض على بعض الأسلحة القديمة وملابس النساء والرجال قديمًا، والحلي بأنواعها وغيرها من المعروضات. وفي قاعة أخرى توجد المسكوكات من عملات نقدية تدرجت في المراحل ابتداءً بالدراهم العربية الساسانية، وآلاف الدراهم العربية الإسلامية في عصر الأمويين والعباسيين، بالإضافة إلى جناح خاص بالطوابع وما شملته من تدرج تاريخي لكل الحضارات حتى العهد السعودي، وتم تخصيص جناح خاص بمراحل تدرج العملات والطوابع في المملكة العربية السعودية. كما يحوي المتحف بين جنباته جناحًا لكل منطقة من مناطق المملكة العربية السعودية مثل: منطقة الحجاز، ومنطقة نجد، والشمال، والمنطقة الجنوبية، وكذلك المنطقة الشرقية، ومن خلال هذه الأجنحة تتعرف على حقب تاريخية تحكي تاريخ المملكة على مر العصور معلم بارز وحول احتياجات هذه المدينة المعرفية الكبيرة “مدينة الطيبات” أشار المشرف العام على المدينة يوسف كيكي إلى أنها تعتبر أكبر مدينة للعلوم والفنون في الشرق الأوسط، وهي معلم بارز من معالم مدينة جدة، ويزورها كثير من المسؤولين في المملكة والعالم العربي وزوار جدة من جميع أنحاء العالم، ويبهرون بما يشاهدونه من تراث وحضارة، ولكنها الآن تحتاج إلى دعم كبير من المسؤولين وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة، عاشق التراث، وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار والمساهمة في توفير ما تحتاجه المدينة لإكمال مسيرتها في الحفاظ على الفن والتراث لتبقى تؤدي رسالتها في الحفاظ على تراثنا الأصيل.