فقدت الأوساط الثقافية والأكاديمية الدكتور عبدالله العثيمين مساء أمس (الثلاثاء) بعد معاناة مع المرض في مدينة الرياض، ومن المؤكد أن الكدح والبحث المضني للقمة العيش، أحد أهم الركائز لبنية الشخصيات المؤثرة، ولم تكن شخصية العثيمين إلا أنموذجا لهذه الرحلة الطويلة من شظف العيش في البدايات ليشق طريقه إلى مصاف المثقفين في المملكة. ولد العثيمين في مدينة عنيزة لأسرة ميسورة الدخل في العام 1356، والتحق بالكتاتيب للدراسة آنذاك، ولكنه لم يتواءم معها فقرر هجرها والانتقال إلى الرياض للعمل سمسارا وعمره لا يتجاوز العشرة أعوام، ثم قرر العودة إلى مسقط رأسه ليعمل في فلاحة الأرض، لكن الرغبة في التعليم جعلته يعدل عن قراره للمرة الثانية ويمضي إلى المعهد العلمي ليلتحق بمدارسه، ويتخرج منه رغم أن معوقات الفصل واجهته دون أسباب تذكر، ولكنه صمد حتى تخرج منها منتسبا. ولم يكف عن طلب العلم إذ قرر أن يستكمل تعليمه في جامعة الملك عبدالعزيز ليدرس التاريخ، ولكن نزعته الكتابية تسببت في فصله من الجامعة، ولكنه عاد مجددا بإصراره المعتاد ليصبح طالبا وسكرتيرا للدكتور عبدالعزيز الخويطر حتى تخرج منها في أوائل الستينات من القرن الماضي، ولا يمكن للحلم أن يخبو، ولكن شعلة التعليم ما زالت في نفسه، فمضى بعد تخرجه إلى جامعة ادنبرة ليحصد شهادة الدكتوراه في أوائل السبعينات من القرن الماضي. شغل العثيمين مناصب رفيعة في جامعة الملك سعود، إذ عين عضو هيئة تدريس في قسم التاريخ، وتولى رئاسة قسم التاريخ لمدة عامين، وعمل عضوا في مجلس كلية الآداب مدة ثلاث سنوات، وعضوا في المجلس العلمي بجامعة الملك سعود ممثلا لكلية الآداب لمدة أربع سنوات، وعمل عضوا في اللجنة الاستشارية لوزير التعليم العالي لمدة أربع سنوات، إضافة إلى عمله كمستشار في وزارة التربية والتعليم (وزارة المعارف سابقا) للتطوير التربوي عدة سنوات، وهو عضو في مجلس أمناء مؤسسة حمد الجاسر الخيرية. وكما عمل عضوا في المجلس الشورى، وعضو مراسل في مجمع اللغة العربية بدمشق، ومجمع اللغة العربية بالقاهرة، وعضو هيئة تحرير مجلة الدارة، ومجلة رسالة الخليج، ومجلة العرب، كما أنه شغل منصب أمين عام لجائزة الملك فيصل العالمية، وهو يشغل هذا المنصب منذ عام 1987 من القرن العشرين، ونال الدكتور العثيمين جائزة الأمير سلمان بن عبدالعزيز التقديرية للرواد في تاريخ الجزيرة في دورتها الأولى. وألف العثيمين كتبا مهمة منها: تأملات في التاريخ والفكر، أنت يا فيحاء ملهمتي، خواطر حول الوطن والمواطنة، عن الوطن وإليه قراءة في كتابات عن تاريخ الوطن. من وحي رحلات إلى خارج الوطن. خواطر حول القضية، كتابات عن التصهين، بوح الشباب. دمشق وقصائد أخرى، صدى البهجة، عرس الشهباء وقصائد أخرى، عودة الغائب، مشاعر في زمن الوهج.