هل يمكن للقلب أن يزل؟ وكيف؟! نحن نعرف زلة اللسان، فكم من مرة خانت الألسن أصحابها فانزلقت بهم إلى مهاو لا نجاة منها، أما القلب!!! القلب مكمن الحب والحنان والعطف والرحمة والإشفاق، فهل يمكن أن يزل؟! وما شكل زلته؟! وهل زلة القلب مهلكة كما تفعل زلة اللسان في بعض الأحيان؟ فكم من رأس تدحرج من علٍ للفظ انزلق من لسان صاحبه متعجلا، هل زلة القلب كما اللسان تتسبب في دحرجة الرؤوس أيضا؟ كيف يزل القلب؟ يزل القلب حين يبدأ بكتابة قصة لا يضمن نهايتها، وحين يرسم لوحة لا يحسن اختيار ألوانها، يزل القلب حين ينسج شرنقة براقة يحبس فيها صاحبه، ويتركه داخلها ينتظر بلا نهاية، يترقب أن تنبت له أجنحة ملونة يشق بها شرنقته وتحلق به عاليا في سماء تتوشح النور وتغرد فوقها العصافير. يزل القلب حين يجدل لصاحبه إكليلا من الأساطير المزخرفة بالكذب وخيوط السراب، ثم متى نزعه عنه، تركه غارقا في مرارة من الخيبة لا تنتهي! يزل القلب حين يشعل النار في شجرة العود مستمتعا بعبق رائحتها، فيحرقها بأكملها ثم يبقى يرقب الرماد بذهول! لايدري كيف احترقت! وكيف انتهت! يزل القلب حين يسكب في ليل الأماني الخدر والطمأنينة والرضا، تنساب ناعمة في مسام العروق فتزرع الدفء والأمن تحت طيات الجلد، ثم متى طلعت شمس النهار، ساقت معها سرب الدبابير فتبدد في شعاعها كل شيء. يزل القلب حين يبدأ اللعبة مغامرا، فيمضي مغمض العين يطارد جزرة الغلبة والفوز الممتدة أمامه، يظل يطاردها حتى تنتهي اللعبة، وآنذاك يكتشف أنه لم يكن يجري وأنه كان واقفا يدور في موضعه فوق كثيب من الألغام. يا للقلب حين يزل!! لا شيء يمكن أن يمحو زلته!!