عنوان غريب!! وجدته مسطورا على غلاف كتاب صغير الحجم للشاعر المعروف إبراهيم مفتاح، في البداية، ظننته ديوانا جديدا للشاعر، فبعض الشعراء يحبون اختيار عناوين غامضة وصادمة للقارئ، قلبت صفحات الكتاب وجدته نثرا لا شعرا، عدت إلى العنوان أتأمله، أثار فضولي، ترى ماذا تعني كلمة الصنجار؟ ولمَ اختار الكاتب هذه الكلمة الغريبة عنوانا لكتابه مع أنها تبدو ثقيلة غليظة خالية من الجمال أو الإيحاءات الجذابة؟ يقول المؤلف في مقدمته إن الصنجار اسم محلي اعتاد سكان فرسان إطلاقه على مجموعة السفن الشراعية التي تنطلق معا للارتحال في البحر لجمع المحار أو التجارة أو غير ذلك من أسباب كسب الرزق. الكتاب يتضمن وصفا لرحلات البحارة الشاقة وهم يمخرون عباب البحر في رحلة الغوص الطويلة التي قد تمتد شهورا طويلة قبل العودة إلى موطنهم، حياة فيها كثير من الجهد البدني والخطورة والضنك، وإن كانت لا تخلو من شيء من المرح واللهو يستعين به أولئك المتعبون على شظف العيش وقسوة الغياب عن الأهل ومفارقة الوطن. على ظهر السفينة، كل مساء يجتمع البحارة ليصغوا إلى حكايات الحكواتية، الذين يتنافسون فيما بينهم على سرد الجديد والمثير من الحكايات. وفي كل ليلة يجلس الحكواتي محتلا الصدارة يحتسي قهوته، متلذذا بمشهد العيون المتعلقة به والآذان المصغية لكلماته وهو يسرد على المسامع حكاياته الآسرة للخيال، يظل يسردها بلا ملل حتى تبدأ الجفون بالارتخاء وتستسلم الرؤوس منحنية للأمام معلنة هجوم السلطان الذي لا يقاوم، فينفض المجلس وترفع الجلسة لليلة جديدة قادمة. رغم أن الكاتب يطلق على عمله هذا رواية، إلا أني لم أجد فيه النص الروائي، وإن كنت لا أدري إلى أي جنس من أجناس الأدب يمكن أن ينسب! تقرأ في الكتاب وصفا لعادات سكان الجزيرة وأساليب عيشهم التي قد يبدو بعضها غريبا ومختلفا، وتقرأ عن رحلات البحارة إلى مدن ساحلية واحتكاكهم بمظاهر للحياة جديدة ومختلفة، لكنك تضيع في وسط ذلك كله، فالكتاب لا يخبرك إلى أين هو يأخذك؟ ولا في أي زمن ينغمس بك؟ عدم ذكر أسماء الأماكن وضياع هوية الزمن، قلل من قوة ارتباط القارئ بما يقرأ، وأفقد الكتاب ما يحويه من قيمة تاريخية، ولا أدري لمَ جنح المؤلف إلى هذا التمويه والغموض! ومع ذلك هو كتاب يستحق القراءة، لأنه ممتع، ويضيف إلى معلوماتك شيئا جديدا.