ما بين اللهيان وعراقجي لا بد أن تصبح إيران في خبر كان، الأول غاص في اللهو السياسي حتى أنكره أسياده، وبات حجبه عن الصورة ضرورة، أما الثاني عباس عراقجي فإن أول دخوله إلى الصورة في الإعلام كانت شمعة على طوله، فلا هو أصاب ولا ما هدف إليه نظامه تحقق. مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية والدولية، عباس عراقجي في إطلالته توعد الدول الإسلامية -كل الدول الإسلامية المشاركة في القمة- بالندم والندامة، ووصف جمعهم بالضعف، ليس هذا وحسب، بل ذهب لوصف هذا الضعف بالبنيوي، وكأنه ناقد رفيع لنص أدبي أو ما شابه ذلك فانكب عليه ممحصا ومشرحا. لقد فات عراقجي أن الأمة لا تجتمع على ضلالة، والأمة بمؤتمرها في إسطنبول قد اجمعت وتوحدت خلف إدانة الممارسات الإيرانية في العالم الإسلامي وممارسات غلام النظام الإيراني حزب الله. الأمة أجمعت على أن ما تفعله إيران وعصاباتها في سوريا والعراق ولبنان واليمن والبحرين هو إرهاب موصوف وجريمة نكراء، الأمة اجمعت نعم اجمعت على أن الدماء التي يسفكها الحرس الثوري وميليشياته الحليفة في كل الأصقاع العربية هي دماء مسلمين والمسلم كما يقول الحديث الشريف «دمه وماله وعرضه حرام». عراقجي يعيش حالة انفصام سياسي عن الواقع تماما كالمرض الذي يعيشه نظامه في طهران، وهو مرض عوارضه نكران الوقائع وإغفال الحقائق ولصق الارتكابات الخاصة بالجماعة والخلاص إلى نتائج ربما تكون صائبة، لكن بشكل معاكس وليس كما يعرضه المريض حامل الداء. عراقجي توعد الدول الإسلامية بالندم، وما فعل الندامة إلا مصير من غامر وقامر وخدع في سورية واليمن والعراق. مصير من هيمن وقهر واستبد في لبنانوطهران. الندم هو ما يعيشه نظام الملالي وما ارتسم من نظرات روحاني في قمة إسطنبول وهو يراقب مواكب الكبار. استبدل نظام الملالي اللهيان بعراقجي فلا وفق بالأول حيث اختاره ولا وفق بالثاني وكما يبدو أن أزمة رجال الدولة في إيران هي أزمة بنيوية، فالمشكلة لا لهيان ولا عراقجي، المشكلة تكمن هناك، في سدة القرار في طهران.