من سهول المنطقة الواقعة بين شرق النيل ومرتفعات البحر الأحمر في السودان ومن منطقة «البشاقرة» تحديدا، نشأ يمين الله أحد رعاة الإبل في محافظة بيشة (جنوب المملكة) الذي أكمل ربيعه ال40 للتو، بين الإبل منذ نعومة أظفاره فترى على محياه قسوة الصحراء وملامح الصلابة في تحمل الصعاب، متحدثا بلسان الواثق من قوله «لم نصب بأي أذى من مخالطة الإبل نهائيا». ويحكي يمين الله الذي التقته «عكاظ» في صحراء هيج إحدى قرى بيشة، قصته مع الإبل قائلا: «شربنا حليبها والتحفنا بوبرها وركبنا ظهورها ولم نصب بأذى ولم ينتابني أي شعور أو أدنى درجات الشك في أن الداء سيكون من الدواء، فهذا من المستحيل». مؤكدا أن جميع أقربائه وأقرانه يعيشون حياتهم اليومية بين الإبل ولم يتعرضوا لأي أذى ويعتبرون هذا المرض الذي يطلق عليه «فايروس كورونا» هو حديث سمر هزلي ومضحك، يتجاذبون أطرافه في ساعات الليل الطويلة ممتعضين من ربط هذا الفايروس بسفينة الصحراء. وأشار إلى أن يومه لا يبدأ إلا بتناول حليب الإبل الطازج والذي يكسبه -على حد قوله- نشاطا وقوة ليؤدي مهامه اليومية على أكمل وجه، وليتنقل في الصحراء برفقتها. يهمس يمين الله بصوت خاضع «لا يصح أن ينسب للإبل ما ليس فيها». ويحاول عدد من ملاك الإبل في المنطقة الشرفية استبعاد تركهم للمهنة، معتبرين أن علاقتهم مع الإبل تتخطى فكرة الاستثمار، وأنها متجذرة في التراث وفي صدور الرجال، حتى أن مسنا تجاوز ال90 (التقته «عكاظ») أبدى انزعاجا من اتهام الإبل بفايروس كورونا، مؤكدا أنه يخالط الإبل منذ عقود ولم يصبه مرض، «إنكم لا تعرفون السبب الحقيقي، الحيوانات النافقة هي السبب». وينفي وبشكل قاطع المسن علي أحمد هادي (أحد ملاك الإبل - يقف على عتبة ال94 عاما) علاقة الإبل بكورونا، ويقول بصوت منزعج «إنني عشت مع الإبل منذ أن كنت طفلا، لا يأتي منها إلا الخير، تعلقت بها، وأعتقد جازما أن المرض جاء من المواشي النافقة التي يتم التخلص منها بشكل خاطئ».ويضيف «اليوم لو تجولت لا تجد موقعا للرعي، حتى في أطراف المدن توجد حيوانات نافقة مرمية بشكل عشوائي، وتبقى على حالها حتى تتحلل، وهذه الحيوانات نفقت بسبب المرض وبعد أن تموت تأتي الإبل السليمة والأغنام السليمة فتأكل أو تلامس تلك الجيف وينتقل المرض الذي ماتت بسببه مع مضاعفات أخرى وفيروسات أخرى فتصاب الإبل والأغنام بأمراض فتاكة وكذلك الإنسان المخالط». ويطالب الجهات المسؤولة بفرض قوانين صارمة لمكافحة رمي الحيوانات النافقة في المراعي، «نظفوا وافرضوا قوانين صارمة على كل من يقوم برمي الحيوانات النافقة، وبعدها لن تجدوا هذه الأمراض».أما خالد وعواد العجمي فيؤكدان اقتناعهما بعدم صحة ما أسموها ب«الأقاويل» الكثيرة إلى تورط الإبل بفايروس كورونا، «إبلنا في الصحراء ونحرص أن تكون في مواقع نظيفة ونبعدها قدر المستطاع من الاقتراب من الحيوانات النافقة، نحن مطمئنون، وما يثار حول كورونا لا يرتقي لمرحلة اليقين».