اتفق الكثير من الأطباء النفسيين والمرشدين الأسريين، على أن غالبية الحالات المرضية أو التي تبحث عن الاستشارات المدفوعة أو المجانية، تطلب المساعدة وهي في حالات متأخرة من «الألم»، لأسباب تتعلق بالعيب الاجتماعي، أو الخوف من افتضاح أمرها لدى المجتمع. ويرى البعض أن التعامل مع الاختصاصي النفسي، خطوة إيجابية نحو العلاج، إلا أن آخرين يرون بأن بعض الممتهنين لهذا العمل، مهملون في الحفاظ على ملفاتهم التي يعتبرونها «سرية». ويختلف الاختصاصي النفسي عن الأصدقاء والأهل والأقارب من حيث تمتعه بخبرة وكفاءة واسعة في التعامل مع صعوبات ومشكلات الأشخاص الذين يعانون نفسيا. ويلتزم خلالها بأخلاقيات المهنة التي من أهمها سرية الاحتفاظ بالمعلومات الشخصية التي يفصح عنها الشخص. ورغم الأهمية الكبيرة التي يحظى بها هذا المجال، إلا أن العاملين فيه لا يزالون يواجهون عدة متاعب تحول دون ممارستهم للمهنة بشكل مرن. عضو هيئة التدريس بقسم علم النفس في جامعة الملك عبدالعزيز أميرة الزين ذكرت أن نسبة كبيرة من الناس تخشى من مشاركة معلوماتها الشخصية مع الاختصاصي وتميل إلى الكتمان ما يجعل عملية جمع المعلومات عن الحالة غاية في الصعوبة لأن الشخص لا يفصح عن كل الحقائق. كما أن الوصول للأهل لا يكون عادة بالسهولة المتوقعة فضلا عن التحدث معهم عن الشخص المقصود وجمع المعلومات عنه، حيث إن ذلك يقابل بالرفض غالبا من قبل الأهالي. وتتفق مع هذا الرأي الأستاذ المساعد في قسم علم النفس بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتورة هدى عاصم، وتؤكد على أهمية نشر الوعي بالفرق بين الإرشاد النفسي والعلاج النفسي وتوعية المجتمع والأهالي بذلك، وعدم الخلط بين المرشد في المدرسة وبين الاختصاصي النفسي، ومعرفة أن الشخص الذي يخضع للإرشاد النفسي لا يعاني مرضا نفسيا. وتقترح الدكتورة هدى أن يكون لكل طالبة في المدرسة تاريخ نفسي وعائلي وعند ظهور مشكلة نفسية يسهل على الاختصاصي النفسي معرفة أصل المشكلة بكل سهولة. أما الاختصاصية والمستشارة الأسرية أريج داغستاني فترى أن من أبرز التحديات التي واجهت الإرشاد حداثة مفهومه وأهدافه وطرق التعامل من خلاله، فالإرشاد كمضمون له جذور عميقة في الإسلام والمجتمعات المسلمة، والجديد فقط هو أساليب العلاج والإرشاد التي تقدم للأسر بشكل علمي مقنن والتي كان لوسائل التواصل الاجتماعي والدورات والمحاضرات الأثر الأكبر للتعرف عليه. وأوضحت داغستاني أن العادات والتقاليد المنغلقة هي التي تعيق الزوجين أحيانا من طلب المساعدة بدافع الحفاظ على أسرار الأسرة حتى لو تكبد الزوجان مشقة المعاناة، وتستمر المشكلة إلى أن يقرر أحد الزوجين اختبار أسلوب جديد لحل مشكلاتهما وطرق أبواب الإرشاد والعلاج الأسري. ولفتت الاختصاصية أريج إلى أن قلة المراكز الاستشارية التابعة للجهات الحكومية المختصة لحل النزاعات بين الأسر مثل المحاكم، كما هو حادث في بعض دول الخليج، مما يضعف دور الإرشاد في الوصول إلى أكبر شريحة في المجتمع لتجنب الخلافات. إضافة إلى أن كثرة الاشتراطات والالتزامات التي تضعها وزارة الشؤون الاجتماعية التي تقع المراكز الإرشادية تحت مظلتها تعيق كثيرا من المساهمة الفعالة للأفراد في إنشاء مراكز استشارية بكفاءة عالية.