كشف تقرير خاص باقتصادات دول العام خلال عام 2016، عن بقاء اقتصاد الولاياتالمتحدة ضمن أفضل الاقتصادات العالمية بدعم من قوة الطلب المحلي، وسط تحسن متواضع لأداء منطقة اليورو الذي سيجد حراكا في جانبي الطلب والصادرات. وتضمن على أن النمو في دول آسيوية لن يتحسن عن عام 2015، لاسيما في الصين، والهند، وجنوب شرق آسيا، لكن الهند مرشحة لأن تحتل مكانة الصين ثم تقف في صدارة قائمة أعلى معدلات النمو لهذه المنطقة. في المقابل ستزداد الصعوبات لدول أمريكا اللاتينية بسبب تسارع الانخفاض في أسعار النفط والسلع، وستتفاقم بالأخص في أكبر اقتصاداتها شأنا وهي البرازيل. وبحسب التقرير الذي أعده الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية، فإن النظرة مازالت إيجابية بالنسبة إلى الدول الأفريقية، لكن تضافر العديد من العوامل السياسية والبنيوية سيلقي بظلال من الضبابية على الآفاق المأمولة. وفي الإطار العربي، ستتأثر معدلات النمو في الاقتصادات العربية بتراجع الطلب العالمي خلال عامي 2015 و2016، إلى جانب تطورات أسعار النفط، والأحداث والأزمات الجارية في عدد من دول المنطقة، ما يجعل أرقام الصادرات العربية مرشحة للتراجع في ظل انخفاض الإنفاق العام، المتأثر بالعائدات النفطية التي تمثل نحو 68% من إجمالي الإيرادات العامة للدول العربية. وعلى الرغم من تصاعد عوامل عدم اليقين في تحسن الاقتصاد العالمي خلال الفترة الأخيرة بسبب الدوامة المالية للصين، والتراجع الحاد في أسعار النفط، والتباطؤ الأخير في الاقتصاد الأمريكي، إلا أن هذه التطورات لوحدها غير كافية لتوقع حدوث كساد عالمي وشيك، رغم أنها ساهمت في تخفيض التوقعات بالنسبة لمعدلات النمو العالمية وفي حركتي التجارة والاستثمار. وتطرق التقرير إلى أن ظهور ما جرى تسميته ب«التعسر المالي» أمر وارد في ظل التطورات الاقتصادية الجديدة على الساحة العالمية، مؤكدا على أن الدول المتقدمة تحتاج إلى إيرادات جديدة تعزز الانتعاش الاقتصادي والاستقرار المالي. وفيما يتعلق بالاندماجات في الاستثمار العالمي المباشر، فقد انعكست الأوضاع الاقتصادية العالمية على الساحة الاستثمارية، إذ دفعت الضغوطات المالية إلى نمو كبير في عمليات الدمج والاستحواذ، وإلى إعادة النظر في الحسابات المالية للشركات التي حركت مواردها المالية إلى المجالات الأكثر تحفظا. وقد جرى تسجيل نمو قياسي في عمليات الاندماج والاستحواذ بنسبة وصلت إلى 61 % خلال عام 2015، مقابل تغير بسيط في حركة الاستثمار الخارجي المباشر التي استهدفت إقامة مشروعات جديدة، لدرجة أن الاستثمار في المشروعات الجديدة سجل انخفاضا عام 2015، في الاقتصادات المتقدمة. واعتبر التقرير الذي استشرف آفاق الاقتصاد العالمي والعربي أن هذا دليل على ضعف جوهري في الإنفاق الرأسمالي للشركات العالمية متعددة الجنسيات، وبنتيجة ذلك، قفزت الاستثمارات الخارجية المباشرة بنسبة 36 % عام 2015، إلى نحو 1.7 تريليون دولار، وهو المستوى الأعلى منذ الأزمة الاقتصادية العالمية في العام 2008. والتوقعات في نطاق الاستثمارات الخارجية المباشرة تشير إلى أن انحسارا سيحدث خلال عام 2016، باستثناء عمليات الاندماج والاستحواذ التي ستنشط كثيرا لتعكس بشكل فعلي استمرار الهشاشة في الاقتصاد العالمي، وعدم الاستقرار في الأسواق المالية العالمية، وضعف الطلب العالمي، إلى جانب التباطؤ الملحوظ في عدد من الاقتصادات الناشئة. يشار إلى أن التدفقات إلى الدول النامية حققت مستوى قياسيا جديدا عام 2015، بعدما نمت بنسبة 5 % ليصل إجماليها إلى 741 مليار دولار، معظمها للدول النامية في آسيا التي استحوذت على أكثر من نصف تريليون دولار، مكونة الإقليم الأكثر استقطابا للاستثمار في العالم بنسبة الثلث تقريبا، بينما تراجعت في كل من أفريقيا وأمريكا اللاتينية.