يبدو أن انهيار الشيوعية وارتباطها بالقومية العربية حرض كثيرا من الروائيين السعوديين للكتابة عنها، واستخدامها كثيمة رئيسية في العمل الإبداعي، ولم تظهر الشيوعية في الداخل السعودي كمذهب فكري يعتنقه السعوديون، وبما أنه لم تكن الدولة السعودية بمعزل عن المد الأيديولوجي في المنطقة في الستينات من القرن العشرين، ولم يكن الروائي السعودي مغيبا عن هذه الانعكاسات، فإنهم جسدوا الشيوعية في شخصيات روائية لم تزل تعيش وتتنفس بين صفحات الكتب، وفي ذاكرة القراء. ومن هذه النماذج، كتب الروائي إبراهيم الوافي روايته الشيوعي الأخير كشخصية تعيش في مدينة الرياض، وما للحركة الشيوعية من انعكاسات واضحة في الشارع السعودي، وسعت الرواية إلى رصد التحولات الفكرية للشخصية المقدمة، وطرق اندماجها وتفاعلها مع المحيطين بها من أقرباء وأصدقاء، وبهذا كانت هي الرواية الأخيرة التي تكتب عن الشيوعيين، وقد دخلت هذه الرواية أروقة المحاكم بعد أن اتهم صالح المنصور كاتب الرواية إبراهيم الوافي بالتعريض به، وأن الأخير استثمر هذه الشخصية الحقيقية في المشروع الكتابي آنذاك. كما حضرت أيضا هذه الشخصيات المثيرة للجدل في رواية الكاتب تركي الحمد في ثلاثيته أطياف الأزقة المهجورة التي تناول فيها اتجاهات هذه الحركة الفكرية وكيف تأثر الشباب يومئذ بالقومية العربية والنزعة الاشتراكية، ولم تقف عند هذا الحد، بل رصدت تلاشيها أيضا من الشارع السعودي بقدوم أطياف ثقافية وفكرية أخرى، ولاقت هذه الثلاثية هجوما عنيفا من قبل تيارات إسلاموية لم يسلم من شراراتها الكاتب. ولم تكن رواية شرق المتوسط للروائي عبدالرحمن منيف بالبعيد، بل تناولت هذه الأفكار الشيوعية، ولم تحدد في منطقة محددة من جغرافيا الشرق الأوسط، ولكنها أخذت منحنى أيديولوجيا كرواية سياسية تأسيسية، وقدم منيف من خلالها شخصية المواطن المعارض بكل عدميتها وتمزقها وتشتتها، وسعيها الحثيث للتحرر القومي الذي شهدته المنطقة آنذاك. وفي رواية شقة الحرية للكاتب الدكتور غازي القصيبي ظهرت بوادرها، إذ تتبع القصيبي هذه الأفكار بين المبتعثين في الستينات من القرن الماضي في مصر، وكيف انعكست القومية العربية على الشاب السعودي، وتحدثت الرواية عن انطلاقات الفكر الشيوعي في أروقة الجامعات، والانخراط في العمليات التنظيمية لهذه الأحزاب السياسية.