كثيرا ما يتهم الكتاب والصحفيون من قبل البعض بالخيانة والتطرف وأنواع الاتهامات لمجرد الاختلاف، ونعلم أن ذلك يخضع لأسباب عديدة ويأتي من اتجاهات مختلفة ولكن جميعها يصب في وعاء التعصب الذي تنميه البيئة وتضع دلالاته الاجتماعية للفروق والاختلافات في قالب الرفض، مما يجعل البعض يتمسك بأفكاره السلبية التي تفرض عليه استبعاد الآخر وتسخيف من لا يتفق معه في الرأي، حينها يكتفون برمي التهم ولا يجدون الحاجة للتفهم والحوار. ليس من الحق أن نزكي الجميع عن الاتهامات، وليس من الحق أن تلقى الاتهامات تجاه الناس بالجملة بلا تثبت، والتعميم على الجميع في مسائل خطيرة كهذه لا يبرر الإدانة، غير أن مثل هذه التهم لا تطلق جزافا للتعبير عن سوء حالة مزاجية يمر بها صاحبها، فالاستكبار على هذه الحقيقة يفرضه ادعاء الكمال، وليس أكثر من رداء يحمي به البعض ذاته من الإدانة. إن المآسي تهز الوجدان لدى كل من يحمل قلمه ورسالته في الحياة، وهي تشعل العواطف عند كل من يتألم من هموم المجتمع، وقد أصبح كل من يسعى لخدمة أهدافه التحزبية أو الجهوية يعزف على وتر الوطنية ليتهم الآخر ويستعطف الرأي العام من أجل تصديقه، حيث إن التنازع والضدية التي تقوم عليها الاتهامات تأتي من وجود خلخلة في السمات الثقافية الخاصة بمجتمعنا، مما يعني أن العناصر الثقافية القديمة تنظم نفسها من مبدأ الأحقية لمواجهة أي سمات ثقافية جديدة ناشئة ومحاولة امتصاصها، هذا بالرغم من النقد يقوم على تمييز الأشياء وتفسيرها وتحليلها وموازنتها، إلا أن محاربة النقد بهذه الطريقة تعني تعمد إغراقه، ولو تنازل البعض عن صفته التعصبية لوجد أن صحافتنا زاخرة بالأقلام النيرة التي يمكن الاستناد على رأيها في أي قضية، وهذا يعني أن للنقد أهمية بالغة في موازنة الأمور وتسديد الأخطاء والبحث في حلول المشكلات، ومن يرى في نفسه القدرة على النقد فلا بد أن يكون قادرا على الحوار. ليس من مصلحة المجتمع أن تتخذ أدواته للتغرض والتنازع، بل إن مصلحة المجتمع والوطن أسمى من أي هدف، وهي المسؤولية التي يتوجب على الجميع العمل عليها في الوقت الذي نحن في أمس الحاجة فيه إلى الالتحام. [email protected]