لا يخطئ مستمع لآلة «القانون» الموسيقية حين يعتقد أنها تحمل ذاكرة حضارات تمتد لقرون طويلة في الإرث الإنساني، إذ تعود آلة القانون إلى العصر الآشوري الحديث في القرن التاسع قبل الميلاد، إذ وجدت منقوشة على علبة من عاج الفيل في العاصمة الآشورية نمرود -كالح قديما- وقد بدت مستطيلة الشكل، وأوتارها مشدودة بطريقة متوازية على الصندوق الصوتي بالقرب من مدينة الموصل في العراق. وفي العصر العباسي، أطلق عليها العرب اسم «النزهة» نسبة إلى تنزه المستمع في حديقة أنغام فسيحة، وبعد أن حققت انتشارا واسعا في الشرق والغرب اختفت هذه الآلة أو ربما تطورت لاحقا إلى القانون الحالي، لما للأخير من إمكانية ضبط جميع المقامات الموسيقية ومحاكمة الأنغام، وورد ذكره في ألف ليلة وليلة وبعض المخطوطات العربية والفارسية. وتعود هذه التسمية (قانون) إلى اليونانيين في القرن السادس عشر، فيما ترى بعض المصادر أن كلمة «قانون» العربية مأخوذة من اللغة الإغريقية «الآرن». فيما تؤكد عدة مصادر أن القانون دخل إلى أوروبا في القرن الثاني عشر من بوابة الأندلس، وبقي مسماه «قانون» بذات النطق العربي، ويعتقد أن مخترعها هو أبو النصر الفارابي في العصر العباسي، ولكن لم يؤكد ذلك الدكتور صبحي أنور رشيد في كتبه المتعددة «الآلات الموسيقية في العصور الإسلامية» و «تاريخ الموسيقى العربية» و «الآلات الموسيقية المصاحبة للمقام العراقي»، ويعتقد مؤرخون -قلة- أن أصل القانون يعود إلى آلة الهارب الفرعونية. ويذكر أن القانون ينقسم إلى قسمين: القانون الكبير يستعمله العرب في تختهم الشرقي، وآخر صغير يستعمله الأتراك والإيرانيون في جلساتهم الموسيقية الشعبية فيما اختفى في البلاد العربية منذ زمن طويل لم تحدده بعض الكتب ككتاب «الدليل الموسيقي العام» لتوفيق الصباغ، وكتاب «الموسيقى والغناء» لفكري بطرس.