كشف وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور وليد الصمعاني أن الرقابة تمارس على القاضي أكثر من غيره، مبينا أن 60% من عمل القاضي يخضع للتفتيش ولا يرقّى القاضي إلا بعد استكمال التفتيش عليه. ولفت الدكتور وليد الصمعاني في الجزء الثاني من حواره مع «عكاظ» إلى أن دائرة التأديب في المجلس تتولى النظر في الدعاوى التأديبية التي تقام ضد القضاة بشأن المخالفات التي قد تصدر منهم، مشددا على أن جلسات الدعوى التأديبية لا بد أن تكون سرية استشعارا لخطورة مثل هذه الدعاوى وتأثير إفشائها على سمعة القضاء في المملكة ولأن بعضها قد لا تثبت في حق القاضي. وحول طريقة اختيار القضاة، أوضح وزير العدل أنها تتم بالترشيح ولا يقبل التقدم لها كأي وظيفة أخرى، مؤكدا أن عدد القضاة حاليا يزيد على 2000 قاض وما زال هذا العدد دون الحد المطلوب، فضلا عن وجود نسبة تسرب من الجهاز. وزير العدل، فصّل آثار التقاضي المجاني الذي لا يشترط دفع الرسوم ودوره في زيادة تدفق القضايا. وإلى نص الحوار: كيف تنظرون إلى نقص عدد القضاة قياسا بالعدد المطلوب بالعمل في المحاكم الجديدة والمتخصصة؟ - بلغ عدد القضاة في الفترة الأخيرة ما يزيد على 2000 قاض بمن فيهم قضاة الاستئناف والملازمون القضائيون وما زال هذا العدد دون الحد المطلوب، ومع هذا فمستوى الإنجاز ولله الحمد في تقدم، وقد تم خلال هذه السنة ترشيح أكثر من 300 من خريجي كليات الشريعة، وهو أكبر عدد تم ترشيحه للالتحاق بالقضاء بعد استكمال الإجراءات النظامية، وذلك ضمن خطة ترشيح تشمل كافة الجامعات في مختلف مناطق المملكة، ومن خلال اختبارات متخصصة. ما زال رفع الدعاوى في محاكمنا مجانيا ودون أي رسوم مالية، في حين أن الدول الأخرى تفرض رسوما محددة على ذلك وهذا بدوره أسهم في كثرة القضايا التي تشهدها محاكم المملكة، فضلا عن تأخر الفصل فيها.. فكيف تنظرون لذلك وما هي السبل للعلاج في رأيكم؟ - مما يتميز به القضاء في المملكة مبدأ مجانية التقاضي، وهو ما يعكس حرص القيادة الرشيدة على عدم وضع الحواجز أمام كل من يريد اللجوء إلى القضاء باعتباره من أهم الحقوق التي جاءت بها الشريعة وأكدتها أنظمة الدولة، وهو حق مكفول بالتساوي للمواطنين والمقيمين في المملكة، ولأجل تفادي الآثار السلبية لمجانية التقاضي المتمثلة في كثرة القضايا المطروحة أمام القضاء والضغوط على المحاكم مما يؤثر على سرعة إنجاز القضايا فقد تم تشكيل لجنة من المختصين والاستشاريين في الوزارة لدراسة تدفق القضايا، وإيجاد الحلول للحد من هذا التدفق بما ينعكس إيجابا على سرعة الإنجاز وتحقيق العدالة الناجزة التي تهدف لها الوزارة، مع دعم وتفعيل البدائل الأخرى للتقاضي كالمصالحة والتحكيم للحد من كثرة القضايا التي ترد إلى المحاكم. ولا شك أن نتائج هذه الدراسة ستؤدي بإذن الله إلى نتائج ملموسة في تجويد العمل القضائي وتقليص مدد نظر الدعاوى. القاضي بشر يعتريه ما يعتري بقية الناس من لحظات الضعف أو التقصير في عمله، كيف تنظرون إلى مبدأ محاسبة القاضي، وهل ترون أن الإجراء المعمول به حاليا في مجلس القضاء يحقق التطلعات؟ - لا يخفى على الجميع مهمة القاضي ودوره وأنه قائم على الفصل في الخصومة ويسعى لتحقيق العدل ورفع الظلم، لذا تشدد أهل العلم في كتبهم في شروط تولي القضاء، ثم جاء نظام القضاء ليؤكد على ذلك ويضع شروطا أخرى للاختيار والقبول، وكما هو معلوم أن طريقة اختيار القضاة لدينا بالترشيح ولا يقبل التقدم لها كأية وظيفة أخرى لأنها مسؤولية عظيمة، ونحن في المجلس لدينا لجان تتولى الاختيار من بين خريجي الكليات الشرعية في جامعات المملكة، حيث توسع الاختيار إلى تسع جامعات من أجل استقطاب أكبر عدد ممكن للالتحاق بالسلك القضائي وفق معايير محددة.. إذا علم هذا فيبقى أن من يرتكب أخطاء مسلكية أو موضوعية من القضاة وهم قلة -ولله الحمد- تتم محاسبتهم وفق الأنظمة والتعليمات وما جاء في نظام القضاء ولائحة التفتيش القضائي، مع العلم أن لدينا في المجلس خطوات استباقية نحاول من خلالها كشف الواقع ومراقبة العمل وتصحيح الأخطاء وتوجيه القضاة في ما يحتاج للدعم والمساندة. كيف تنظرون إلى دائرة تأديب القضاة، وما هي أبرز القضايا التي تم الاستناد إليها لإعفاء القضاة المقصرين، وكم عددهم؟ - نص النظام على أن تؤلف دائرة التأديب في المجلس من بين أعضاء المجلس المتفرغين وهذه الدائرة تتولى النظر في الدعاوى التأديبية التي تقام ضد القضاة بشأن المخالفات التي قد تصدر منهم وتقوم الدائرة بالنظر في البينات وتتحقق منها وتمكن القاضي من الإجابة عن الدعوى وإبداء ما لديه، وفي ضوء ذلك تصدر قرارها ولا يكون نهائيا إلا بعد موافقة المجلس عليه، وقد نص نظام القضاء على أن جلسات الدعوى التأديبية سرية استشعارا لخطورة مثل هذه الدعاوى وتأثير إفشائها على سمعة القضاء في المملكة، ولأن بعضها قد لا تثبت في حق القاضي، على أن هذه الدعاوى ولله الحمد نادرة جدا، إلا أن بعض وسائل الإعلام قد تمارس دورا سلبيا بأخبار لا صحة لها أو ما زالت في طور التحقق، ما يساهم في رسم صورة ذهنية سلبية عن القضاء في المملكة. رفع المجلس الأعلى للقضاء إلى المقام السامي بطلب تحويل دوائر التنفيذ في مكةوالرياض إلى محاكم مستقلة.. فماذا تم في ذلك؟ - سبق للمجلس أن أصدر قرارا بإنشاء محاكم متخصصة للتنفيذ في كل من الرياضومكةوجدة وجرى الرفع بذلك للمقام الكريم وصدرت الموافقة الكريمة عليه، وقد باشرت هذه المحاكم اختصاصاتها، كما تم إنشاء ثلاث محاكم للتنفيذ في كل من المدينةالمنورة والدمام وبريدة، كما صدر أخيرا قرار المجلس الأعلى للقضاء بإنشاء 10 محاكم أخرى للتنفيذ؛ ليصبح مجموع محاكم التنفيذ في مختلف مناطق المملكة 16 محكمة تنفيذ، وسيتم بإذن الله التركيز على دعمها وتطويرها لتقوم بمهامها على أكمل وجه. على مستوى تطوير الوزارة والرضا عن الخدمات التي تقدمها.. إلى أين تتجهون؟ - ترى الوزارة أن مهمتها الرئيسية هي خدمة المواطن من خلال العدالة الناجزة، وتسهيل بقية الخدمات الأخرى لهم، وفي سبيل تطوير هذه المنظومة وسعيا منا للأخذ بأفضل الممارسات فإن الوزارة قامت بتفعيل مجموعة من المبادرات التي تضمنتها خطة الوزارة المعلنة مسبقا، ونحن بصدد التعاون مع بيوت خبرة عالمية لصنع خطط استراتيجية للمرحلة القادمة لتشمل كافة محاور الإصلاح من الهياكل والعمليات والموارد البشرية والتقنية والمباني وغيرها، ملتزمين أن نكون في شراكة مع بيت الخبرة في صنع هذه الخطة من خلال تهيئة فريق عمل داخلي من الوزارة لهذا الغرض، كما نسعى في هذه الخطة إلى تغطية عدد من المجالات مثل تخصيص بعض الخدمات العدلية، وتوسيع التعاون مع جمعيات النفع العام، وغيرها من المجالات التطويرية. ذكر معاليكم أن موارد الوزارة البشرية مستهدفة بالتطوير، فهل هذا خاص بالموظفين أم يشمل القضاة؟ - موارد الوزارة البشرية هي طريقنا في صنع النجاح سواء كانوا قضاة أو أعوانهم أو موظفي ديوان الوزارة، والتطوير يستهدف الجميع، وقد بدأت الوزارة في استقطاب مجموعة من المتميزين للعمل فيها، ونحن حريصون على تقدير الاحتياج الفعلي للتدريب، لصنع برامج تدريبية تخدم العمل، وساعون في كل ما نستطيع أن نقدمه من حوافز لزملائنا الموظفين، وبالنسبة للقضاة فبالتعاون مع «قياس» سنبدأ في مشروع الاعتماد المهني الذي يهدف لإعداد معايير متعددة مهنية وأكاديمية أولها معايير إعداد القضاة، وذلك بإعداد معايير واضحة للمتطلبات الأكاديمية التي يجب أن تتوافر في الكليات الشرعية التي يرشح منها قضاة، بحيث لا يتم الترشيح إلا من الكليات التي يتوافر فيها الحد الأدنى من هذه المعايير، ومعايير أخرى للترشيح للقضاء تساند لجان الترشيح المنتشرة في الكليات الشرعية، وصولا إلى تلك المعايير التي تقيس أداء القاضي بما فيها التفتيش القضائي وغيرها من الأدوات، لتقدم تفصيلا دقيقا عن احتياجاته التدريبية، وهذه المعايير المشار إليها تشمل المعايير المعرفية والمهارية، والنفسية والاجتماعية. يعاني الناس من طول الأمد بين المواعيد ما يتسبب في تأخر حصول الناس على حقوقهم، وهذا بدوره جعل كثيرا من الناس يميلون إلى إنهاء الموضوع بصورة ودية دون اللجوء للقضاء، ماذا ستقدم الوزارة بهذا الخصوص وهل ستقوم بزيادة أعداد القضاة؟ - ترى الوزارة أن هناك مشكلة حقيقية في مواعيد المحاكم لكنها ترى أن حل هذه المشكلة يجب أن يكون شموليا، ولهذا فالوزارة لديها إستراتيجية عامة تهدف إلى التقليل من التدفق القضائي على المحاكم من خلال تفعيل قضاء التنفيذ وذلك بالتوسع في تنفيذ السندات التنفيذية، والتوسع في مكاتب الصلح في محاكم الدرجة الأولى وتطوير إجراءاتها ودعمها بالكوادر المتخصصة، وإتاحة الفرصة للمؤسسات الأهلية (وما في حكمها) -وفقا لإطار تنظيمي محدد- للمساهمة في المصالحة باعتبارها هدفا خدميا مشروعا، والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة للتقليل من القضايا الإنهائية والإثباتات التي تحال للمحاكم مما يمكن أن تقوم به جهات أخرى (عامة أو خاصة)، ودعم التحكيم، ونشر ثقافته، والتراخيص للمؤسسات الخاصة بمزاولته، وغيرها من الحلول كتطوير الموارد البشرية، وإعادة تقدير الاحتياج الفعلي من القضاة، والتطوير الإداري والتقني، وإعادة دراسة التوزيع الجغرافي للمحاكم بحسب الاحتياج الفعلي، هذه مجموعة من الحلول التي سنعمل عليها نتوقع بإذن الله أن تساعد في تقريب آماد التقاضي. يشكو كثير من الناس من بعض التصرفات من القضاة وعدم انضباطهم في الدوام، ما هي خطتكم بهذا الخصوص؟ - قضاة المملكة متميزون في أدائهم وعملهم، ولديهم نصيب وافر من الخلق وحسن التعامل، وما ذكر قد يكون تصرفات فردية تعالج بحسبها، فالسمت العام للقضاة هو الانضباط في الخلق والحضور في العمل، ومع ذلك وتحقيقا لمبدأ الرقابة القضائية فإن الجولات التفتيشية مستمرة على القضاة إضافة إلى تدعيم المتابعة القضائية من خلال جولات متكررة على المحاكم، أو من خلال تعيين مفتش دائم لهذا الغرض، هادفين في ذلك إلى تحقيق الجودة في العملية القضائية دون مساس باستقلال القضاء، وأنبه هنا إلى أن القاضي وبموجب نظام القضاء يمارس عليه من الرقابة ما لا يمارس على غيره، فيكفي أن تعلم أن القاضي يفتش سنويا على 60% من عمله، ولا يرقى إلا بعد استكمال التفتيش عليه، وفي المجلس ترد بعض الشكاوى على بعض القضاة وهي محدودة وتتم معالجتها وفق النظام. كما أن هناك إدارة متخصصة تم إنشاؤها أخيرا للمتابعة الإلكترونية لأعمال المحاكم والقضاة والنظر في مدى حسن الأداء وفق مؤشرات ومعايير موضوعية واضحة عن طريق النظام الإلكتروني المعمول به في المحاكم، وتحليل المعلومات المستخلصة منه للكشف عن مكامن الخلل عبر عدة مؤشرات إلكترونية تقيس الأداء، منها قياس حجم العمل من خلال مؤشرات القضايا الواردة، وقياس الأداء العام عبر مؤشرات قياس أداء القاضي ومؤشرات قياس أداء المحكمة، ومؤشرات دقيقة تعطي كشفا عن عدد الجلسات التي تم فتحها في اليوم الواحد، ومؤشر مواعيد الجلسات وقربها الزمني وتباعدها، ومؤشر عدد الجلسات في القضية الواحدة، ومؤشر لقياس سرعة الفصل في القضايا، وبناء على هذه المؤشرات يتم إعداد تقارير دورية عن كل ذلك وعرضها على المجلس لاتخاذ ما يلزم حيالها، كما أن هناك متابعة دقيقة للقضايا المتأخرة أو المتعثرة من خلال مؤشرات متنوعة تبرز ذلك. غدا.. لجنة وزارية لتذليل العقبات أمام المرأة