أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح آل طالب، أن الدولة قوية بربها ثم بمبادئها الثابتة، وإيمانها الراسخ، وبرجالاتها وطاقاتها وإمكاناتها، لافتا إلى أنها لن تسمح لمن يزعزع أمنها ويشتت أمتها، فهي حاضنة الإسلام وقبلة المسلمين وحارسة الحرمين الشريفين، وحدودها تمتد في قلوب مليار من المسلمين، فهي سند للضعيف، وجار للمظلوم، ومهابتها واحترامها يتجاوزان البحار والقفار، داعيا الله أن يحفظها من كل شر وفتنة. وبين في خطبة الجمعة في المسجد الحرام أمس، أن من رحمة الله أن حفظ جزيرة العرب ومهبط الوحي، فنشأت فيها دولة سنية فتية وسط صراعات عالمية وحروب كونية، ونجّاها الله من فتن الحروب وصراعات الفكر والأحزاب، واختطت لنفسها منهاجا وسطا معتدلا في الدين والدنيا، فجعلت دستورها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتجافت عن البدع والخرافات وأظهرت للناس صفاء الدين. وأكد أن تمسك الدولة بدينها لم يمنعها أن تشارك العالم في السياسة والاقتصاد والعلوم والصناعات والأفكار والحوارات، فمكن الله لها وفجر كنوز الأرض وأغناها، فكانت سند المظلوم ورفد الضعيف ومقصد العمل والتجارة وطلب الرزق، ووصلت خيراتها لكل محتاج من الدول والأفراد ولا ينكر ذلك إلا حاسد، مضيفا: ما كان لهذه البلاد أن تحظى بهذه المكانة إلا بتوفيق الله لها بأن أخلصت التوحيد وطبقت الشرع المجيد وتوسطت بدين الله في عدل وحق حتى حظيت باحترام المسلمين وشهادتهم لها بالريادة. وأوضح أنه كلما مضت عقود بعد زمن النبوة ظهر أعداء ومنافقون إما من خارج الأمة أو من داخلها بالقوة والقتال أو بالفكر والضلال، لكن الله يقيض من العلماء والحكام من يدفع عن دينه وينصر الناس بالحق ويردهم إلى الورد الصافي ويمسكهم بالقرآن والسنة. وقال: إن في كتاب الله وآياته ثباتا للمؤمنين الموحدين ففي سورة آل عمران عرضت الآيات كفاح نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه مع قومهم من المشركين وانتصار المؤمنين في بدر وانكسارهم في أحد، وهذا دليل على أن الابتلاءات والمحن كانت وستظل سنة الله في خلقه. وأضاف: نرى اليوم تكالب الشرق والغرب على المسلمين، ونرى في الوقت نفسه انبراء العدو المتخفي الذي لم يضيع فرصة على مر تاريخه الطويل من طعن الأمة في ظهرها، خلخلة لصفوفها من داخلها، إنه التناقض والظلم الصراح الذي يستنهض الأمة للدفاع عن نفسها معتمدة على الله الواحد الأحد. وإن كل ما نسمعه ونراه من تغير في السياسات وتبدل في التحالفات لن يضيرنا ما دمنا معتصمين بمن لا يبدل إلا إذا بدلنا ومن لا يخذلنا إن نحن به التجأنا. وزاد: إن بلادنا بحمد الله نخبا وعامة على قدر من الوعي بما يحدث ويحاك، وقد اعتدنا على هذه الأحداث التي تظهر المعدن الحقيقي للعرب في هذه البلاد ومسلميها، فيظهر فيهم عمق التدين وصدق التوكل، كما تتجلى الأخوة والاتحاد وتدفع القيادة من الحلم إلى الحزم في اتكاء على الأصل الذي قامت عليه وتمسكا بالأساس وهو التوحيد والوحدة والاعتماد على رجالها وإعداد العدة، فإننا ننظر إلى أمتنا وهي ترمق المستقبل بأمل وتنشط كي تتقدم وتزاحم وتسبق، فلن تستلم وإن حاصرتها العقبات والمتاعب، ولن تيأس وهي الأمة المرحومة المنصورة كما أخبر الله عز وجل بذلك.