قبل نحو 40 عاما، اكتظ جبل النكاسة القريب من المنطقة المركزية، ما جعل العمران في الجبل يستمر ليصل إلى مرحلة مخيفة، فالطرقات تضيق ذرعا بالغرباء، والبعض الآخر لا يسمح للسيارات بالعبور؛ نظرا لعدم إمكانية عرض الطريق، الكل في الجبل يعيش عشوائية بطريقة ما. مشاريع حكومية جادة بدأت في الأعوام الأخيرة لتطوير المنطقة وإزالة العشوائيات، وأبرمت هيئة تطوير مكة عددا من الاتفاقيات لتطوير عدد من الأحياء العشوائية. وتشكل الجنسيات الآسيوية والجنوب آسيوية تحديدا أغلبية قاطني «حي النكاسة»، وبرغم تباين الجنسيات وجالياتها فقد عرف عن كثير من البرماويين القاطنين في «النكاسة» بحسن الخلق وطيب التعامل والتعايش الهادئ مع محيطهم، إذ فرضوا حضورهم في الحي الشهير الذي يعاني من تعثرات في بعض الخدمات، كما يقول السكان القدامى، في المقابل تنتشر جرائم وتجاوزات في تلك الأحياء، بيد أن السلطات الأمنية لا تتوقف عن مطاردة المتجاوزين. خصائص الحي وجغرافيته المعقدة، يلخصها الأهالي في الزحام غير المبرر، والسوق العشوائية وتصاعد روائح كريهة من شبكة الصرف الصحي والباعة الذين يسوّقون كل شيء (لحوم، فواكه، أدوات منزلية، ألعاب أطفال وأشياء خفية لا تراها أعين الغرباء عادة). ويقول محمد عبدالشكور (أحد سكان حي النكاسة): إن السلع الغذائية تعرض على الطرق والأزقة، ولا أحد يعلم صلاحيتها ويزيد من سوء الحال تدفقات كريهة تنبع من الشبكات. مشيرا بيده إلى باعة «التنبول» الذي يباع في العلن على حافة أحد الطرق (عبارة عن خليط من بذور الفوفل وأوراق التنبول ويستخدم عادة بين شعوب شرق آسيا بيد أن المضغة من مسببات السرطان). محمد أيوب الذي تفتحت عيناه على النكاسة من عقود يقول: إنه لا يعرف وطنا غير المملكة. مشيرا إلى حالات مصاهرة بين مواطنين وبرماويين وانجبوا من خلالها أطفالا، مضيفا «أن الاعتقاد السائد بغلبة البرماويين في الحي من حيث التعداد السكاني غير صحيح، إذ تشكل الجالية البنجلاديشية الغالبية من بين الجاليات». ويشتكي محمد جلال من سوء الصرف الصحي وتدني خدمات المياه في الجبل وغياب عمليات التنظيف، مضيفا «إذ لا تصل معدات وآليات الأمانة إلى المواقع المرتفعة ويضطر الأهالي إلى حرق نفاياتهم». وتحدث مدير العلاقات العامة في أمانة العاصمة المقدسة أسامة زيتوني ل «عكاظ» على نشاط الباعة الجائلين وحال سوق النكاسة بالقول: «إن الأمانة تنظم حملات مراقبة مجدولة على كل أحياء العاصمة المقدسة وحي النكاسة يتبع إداريا لبلدية المسفلة الفرعية والمتابعة مستمرة على أسواقه».