سيطرة حزب الله الإرهابي على لبنان للدرجة التي بات معها الحاكم الناهي بأمر طهران فيها، لم تكن لتصل إلى هذه الدرجة لولا تفريغ الدولة اللبنانية من الكفاءات السنية والمسيحية وغيرها.. تلك الكفاءات البشرية التي انتشرت في كثير من دول العالم طلبا للعمل والتجارة وهو أمر أضعف تمثيل معظم المكونات اللبنانية اجتماعيا وسياسيا وسهل مهمة ذراع إيران للتحكم بمفاصل السياسة وصنع القرار في بيروت. من أكبر الجاليات اللبنانية في العالم تلك التي تعيش في دول الخليج لبناء الثروات بعيدا عن كل ما يهم وطنها، لكن انسلاخ لبنان من الجسد العربي سياسيا خلال السنوات الأخيرة بات يحتم على الدول العربية كافة أن تتخذ قرارات مصيرية لإنقاذ هذا البلد من القبضة الإيرانية عبر ترحيل كافة اللبنانيين الموجودين على أراضيها إلى وطنهم مرحليا بشكل يعيد توازن القوى اللبنانية في الداخل ومن ثم يعيد لبنان إلى محيطه العربي. في المعالجة السياسية لأوضاع المنطقة حاليا لا بد من الشجاعة والحزم في اتخاذ قرارات مصيرية ربما تكون مؤلمة لكنها ضرورية، إنها أمر يشبه العمليات الجراحية لإنقاذ حياة الناس، ولذلك فإن ترحيل كافة اللبنانيين من دول الخليج هو أهم عملية جراحية طارئة لإنقاذ حياة لبنان العربي اليوم، وأي حلول أخرى لن تكون ذات فائدة موازية لهذا الحل برأيي. كتب الزميل جميل الذيابي قبل أيام مقالة مهمة بعنوان «كشروا الأنياب واطردوهم»، أشار فيها إلى ضرورة طرد اللبنانيين الموالين لحزب الله من الخليج، موضحا أنه «لا بد من معاملة اللبناني (الإيراني) بشكل يليق بمواقف حزبه وتياره، بعد أن صمتوا وخذلونا أو اصطفوا علانية ضدنا»، وأنا اتفق معه تماما في هذا إلا أنني أضيف أن اللبناني غير «الإيراني» أيضا يجب أن يعاد إلى بلاده في هذه المرحلة لأنها في أمس الحاجة إلى وجوده في حضنها، ويمكنهم جميعا أن يأتوا لاحقا إلى الخليج بعد أن يعود لبنان عربيا لا خنجرا إيرانيا في ظهر العالم العربي. أيضا يجب أن يتوقف أي دعم عربي أو خليجي للبنان حاليا عدا الدعم السياسي المعنوي للقوى المناهضة للمشروع الإيراني، أما المال فأهل الخليج أولى به في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها دول إنتاج النفط حاليا. قد يعتقد البعض أن ترحيل كافة اللبنانيين في الخليج إلى وطنهم فورا، يمكن أن يخلف ردة فعل عكسية لديهم تلقي بهم في حضن المشروع الإيراني، وهذا وهم كبير لا أساس له، فإيران اليوم ليست سوى دولة منهكة اقتصاديا وغير قادرة على إطعام شعبها فكيف يمكنها إطعام مزيد من العملاء؟، هذا بالإضافة إلى غرقها في مستنقعات سياسية خطيرة في سورية والعراق واليمن، أي أنها شبه منهارة اقتصاديا وعسكريا وكل ما تفتعله الآن من ضجيج في وسائل الإعلام وعلى المستوى السياسي يأتي من باب الدعاية لا أكثر ضمن سلسلة محاولاتها لابتزاز القوى الغربية سياسيا وتصوير طهران كقوة يمكن الاعتماد عليها، ولن تفلح أبدا في ذلك، لأنها ببساطة ليست دولة بل تنظيم إرهابي والغرب يدرك ذلك.