تعتبر سلسلة لابلياد من أفخم السلاسل التي تشرف عليها دار غاليمار الفرنسية. وهي لا تفتح أبوابها إلا للأدباء والمفكرين الخالدين. أسسها جاك شيفرين في عام 1931 وأدمجت بعد ذلك بعامين في دار غاليمار وهي موجهة لنخبة القراء الشغوفين بالجمال والأدب والفكر. يعد اقتناؤها لحظة أثيرة لدى عشاق الكتب، لا يتأتى سحرها وجاذبيتها من الأغلفة المجلدة ولا بورقها الرفيع ولكن من نجاحها في انتقاء أعظم الكتابات العالمية التي تجاور دون نشاز بين ماركس مع جان دو أوميرسون، وأراغون مع مالرو، وموليير مع جول فيرن، ومسرح كلوديل مع ألف ليلة وليلة، وكامو مع ميلان كونديرا، وفليب جاكوتي مع مارسيل بروست، وبورخيس مع كازانوفا... منذ ما يقارب خمسة وثمانين عاما ومشاغل بابوو (المتواجدة في)لانيي سور مارن (تصنع يدويا كل سنة ثلاثمائة ألف نسخة من كتبها). يستغرق كل عنوان ثلاثة أسابيع. تنقضي بين بداية الإنتاج وإرساله إلى الموزع. تستورد جلود الأغنام من نيوزيلندا، حيث البراري المفتوحة بدون أسوار وأسلاك كي لا تتأذى الفراء الثمينة. هذا عن المظهر الخارجي للسلسلة الشهيرة. لكن لن تكون لها قيمة حقيقية إذا كانت لا تحتوي بداخلها أدبا نفيسا. إشراقة الدونكيشوت هذا العام سيلتحق بالسلسلة كاتب عظيم مجددا دماءه بين شرايين لا بلياد المرموقة. كما حدث مع دانتي من إيطاليا، هوغو من فرنسا، وشكسبير من بريطانيا، ها هو سرفانتيس يمثل أدب إسبانيا ببطله الخرافي الدونكيشوت. بعد أربعة قرون، على صدور رواية الدونكيشوت ما تزال هذه الرواية الأساسية لامعة بفكاهتها ومشرقة بمحاكاتها الساخرة لعادات ومثالية الفروسية في القرون الوسطى. من خلالها وجه سرفانتيس نقدا لاذعا للبنية الاجتماعية في اسبانيا المتشددة آنذاك حد العبث. كان لهذا العمل الأدبي إشعاع وتأثير كبير على الأدب العالمي وقد جعله الباحثون جان كنفاجيو وميشال موني وكلود أليغري الموضوع الأساسي للمقدمة النقدية التي انجزوها بعمق أكاديمي، للرواية والمذكرات والملاحظات الأخرى المرفقة مع الكتاب، الذي يتكون من 1262 صفحة. عودة جورج برنانوس يتعارض جورج برنانوس - ولد في 1888 وتوفي في عام 1948- مع سرفانتيس، فهذا الأخير ساخر وعبثي وغير جدي بينما الأول جدي للغاية وصعب وصارم. يتحدث عن الخير والشر والمقدس وعن الإيمان والشيطان وغيرها من المواضيع التي تعتبر جوهر كتاباته مثل «حوار الكارملتيين» أو «مذكرات كاهن في القرية» أو «تحت شمس الشيطان»، هذه هي الكتب المشهورة لبرنانوس وقد قامت سلسلة لابلياد بجمعها في مجلدين حوالى 2600 صفحة. وهكذا يمكن للقارئ أن يطلع على المخطوطات الأصلية لأعمال برنانوس دون تحريف أو حذف أو تقليص. جورج برنانوس كاتب فرنسي يكتب الواقع ويكتب السخرية بنفس الوقت. حياة جديدة لميشيل فوكو يدخل ميشيل فوكو سلسلة لابلياد من بابها الملكي، لأن شهرته وشهرة فكره تكفل له الإقامة بين الخالدين. كانت اعمال ميشيل فوكو تتأرجح بين الفلسفة والتاريخ والأدب، ومن الصعب الفصل بينها. التخصصات التقليدية تكافح لاحتواء ذلك. وكان عنوان كرسيه في كوليج دو فرانس هو «تاريخ أنظمة الفكر». هو نفسه لم يتوقف قط عن قراءة كانط ونيتشه، وهايدغر، ولكنه لم يستشهد بالفلسفة الكلاسيكية إلا قليلا. بالمقابل غاص في أرشيف المؤرخين وأسرار التاريخ مجددا في القضايا الفلسفية مهتما بموضوعات غير مطروقة مثل (الرغبة والجنون، والجنسانية)، كانت حفرياته في (العلوم الإنسانية والمعرفة)، وكتاباته عن «بداية» (المصح، والسجن) انقلابا فكريا في القرن العشرين. كان هدفه الأسمى البحث عن الحقيقة وليس كتابة فلسفة جديدة.