عزت لجنة التحقيق في احتراق المستشفى العام في جازان الأسباب إلى تماس كهربائي، مستبعدة وجود أي شبهة جنائية فيما حدث وأن الوفيات حدثت بسبب كثافة الدخان وتصاعده إلى الطوابق العليا للمبنى بسبب وجود أخطاء هندسية في تصميم المبنى وتنفيذه، إذ لم توفر قطاعات لعزل الحرائق فوق السقف المستعار والتي كانت ستحول دون انتقال الدخان من منطقة إلى أخرى. فلين في الخرسانة وزير الصحة المهندس خالد الفالح كشف في مؤتمر صحفي أمس مزيدا من تفاصيل نتائج التحقيق في الكارثة التي بدأت بتماس كهربائي في محيط قسم الحاضنات في الطابق الأول، وتبين في التحقيقات أن العاملين نجحوا في إخلاء جميع المرضى في الطابق الأول، إلا أن كثافة الدخان وانتقاله إلى الطوابق العليا أدى إلى مزيد من الوفيات. واستعرض الفالح العيوب التي صاحبت المواد المستخدمة في سقف المبنى، إذ احتوت على مادة الفلين المحشو بين أعصاب السقف الخرساني إلى جانب رداءة المواد المستخدمة في تمديدات الأوكسجين من أعلى السقف وعدم مطابقتها للمواصفات الصحيحة، حيث أدى إلى ذوبانها مما أجج الحريق. كما ساهم عدم ربط نظام الإنذار عن الحريق بنظام التكييف إلى استمرار التكييف في العمل وزيادة انتشار الدخان في المبنى وقال الفالح إن وزارته تتحمل مسؤولية مبنى غير مطابق للمواصفات الهندسية. براءة السلاسل! اللجنة خلصت إلى أنه لم تكن أي من أبواب الطوارئ مغلقة أو مقيدة بالسلاسل، كما تبين عدم وجود ما يعيق الوصول إليها. غير أنه تبين أيضا وجود خلل في أداء بعض أنظمة وأجهزة السلامة في المستشفى كمضخات الحريق ونظام الإنذار، نتيجة لضعف صيانتها والعناية بها. وأقر الوزير بوجود تهاون من بعض المسؤولين في صحة جازان في متابعة ملفات السلامة وتقرر محاسبتهم نظاميا على ذلك، معلنا في ذات الوقت إعفاء مدير عام الشؤون الصحية في جازان من منصبه، وإعفاء مسؤولين آخرين. تقرير لجنة التحقيق أثنى على ما أسماه «الجهود البطولية لمعظم العاملين في المستشفى في عمليات الإخلاء»، غير أنه عاد وتحدث عن «وجود تقصير في أداء بعض العاملين من خلال التعامل مع الحادث وسيتم التعامل مع هؤلاء وفق الأنظمة». وأشار التقرير إلى أن الدفاع المدني استجاب للحادث على الفور إلا أن تجاوبه وفاعليته لم يكن بمستوى حجم الحادث وتطلب معدات إضافية من مناطق أخرى في جازان مما أثر على سرعة التعامل مع الحادث. ترميم المحترق في أسابيع وزير الصحة تطرق إلى المعالجات والحلول في كل ما يتعلق بالخدمات الصحية وضمان سلامة مرافقها ووعد بأن وزارته ستبذل أقصى ما تستطيع لضمان توفير الخدمات الصحية المناسبة لمنطقة جازان، وعمدت أحد المكاتب الاستشارية بإجراء الاختبارات للتأكد من سلامة المنشأة وإعداد المواصفات الفنية المطلوبة في خلال 8 أسابيع لترميم وتأهيل المستشفى بما في ذلك شبكة إنذار الحريق وإطفاء الحريق، وكافة متطلبات السلامة الأخرى، والبدء في هذه الأعمال بأسرع ما يمكن. وقررت كذلك تعيين مدير لإدارة الأمن والسلامة بالمنطقة. وأشار الوزير في مؤتمره الصحفي إلى أنه سجل زيارة ميدانية لمشاريع المستشفيات في جازان والتي تبلغ سعتها 1050 سريرا، وتشمل المستشفى التخصصي ومستشفى النساء والولادة ومستشفى الدرب ومستشفى العارضة، وأعدت الوزارة خطة لتسريع إنجاز المشاريع وتذليل كافة الصعوبات ليتم الانتهاء منها في أسرع وقت وعلى أعلى مواصفات السلامة والجودة. الوزير الفالح أكد أن السلامة في المرافق الصحية تأتي في مقدمة أولويات الوزارة، وتم تحديد ثلاثة بيوت خبرة عالمية معروفة تتولى المراجعة الدقيقة والكاملة لجميع المنشآت الصحية الحكومية للتأكد من سلامتها هندسيا وسلامة نظمها، وستكون الأولوية لمنطقة جازان، وسيكتمل المسح خلال 6 أشهر ويتم بناء عليه تنفيذ الخطة التصحيحية. كما سيتم فصل عقود الأمن والسلامة عن عقود الصيانة لكافة المنشآت. وجدد الفالح تصميم وزارته على المضي قدما في برنامجها التدريبي لتأهيل كافة العاملين بمرافق الوزارة على خطط الإخلاء والتعامل مع الكوارث الداخلية. وحرصا من الصحة على تقديم أفضل الخدمات والتجارب العالمية فيما يخص الاستجابة للطوارئ والكوارث، فقد استقطبت كوادر وطنية ذات تأهيل عال ومتخصصة في مواجهة الطوارئ والكوارث، وستتم بناء عليه مراجعة خطط الكوارث وآلية الاستجابة والإنقاذ والتدريب وسيكون التركيز بشكل خاص على منطقة جازان والمناطق الحدودية. وسيباشر فريق متخصص تدريب الطواقم الطبية والطواقم المساندة التدريب على أعمال الإطفاء والإخلاء والمواد الخطرة والأمن والسلامة الكهربائية في جازان الأسبوع المقبل.