في التقرير العربي الثامن للتنمية الثقافية، الذي أصدرته مؤسسة الفكر العربي لهذا العام 2015، فصل بعنوان (الثقافة العربية في إقليم مضطرب) يتناول وصفا لواقع الثقافة العربية وما يكتنفها من سمات سلبية تصيبها بالهشاشة وتعيق نموها وتطورها. وقد طرح أمثلة كثيرة اخترت منها: تراجع الاهتمام باللغة العربية وتطويرها وتجديد معجمها وبنياتها النحوية، وانفصال ما تقوم به بعض المجامع اللغوية عن الحركة الثقافية، وكذلك تراجع الجودة التعليمية ويشهد على ذلك ما يظهر من تدنٍ في مستويات الكتابة وسطوة اللغة العامية وصعوبة نقل بعض المصطلحات الجديدة في لغات العالم المتقدم إلى اللغة العربية. ظهور اختلافات كبيرة آخذة في التنامى ما بين ثقافة الأجيال السابقة والأجيال الجديدة، التي باتت تعتنق أفكارا وقيما وإدراكات مختلفة عما يعتنقه الآباء، فتتسبب في إحداث صراع ثقافي بين الاثنين. هيمنة الثقافة الذكورية، بالرغم من كل ما حققته المرأة من إبداعات في الأدب والعلم والفن، بل حتى في مشاركاتها الجوهرية في الانتفاضات الثورية في دول الربيع العربي، إلا أنه برغم كل ذلك ما زالت مشاركات المرأة السياسية محدودة مقارنة بالرجل. هشاشة الخطاب الثقافي العام، سواء الرقمي على مواقع التواصل الاجتماعي، أو في الحوارات الفضائية، أو على المنابر، حيث تسود غالبا لغة هابطة إلى مستوى لغة الشارع في بذاءتها واعتمادها على تبادل السباب والسخرية. ظهور خطاب ثقافي تحريضي ضد الآخر، يحث على كراهية المختلف الديني والمذهبي والطائفي والمناطقي والقبلي، مما أسهم في تزايد معدلات ثقافة العنف والعدوانية وإضعاف القدرة على بناء موحدات وطنية في إطار ما تحفل به المجتمعات العربية من أشكال التعدد القبلي والعشائري والديني والمذهبي والعرقي والمناطقي. صعود الأصوليات الدينية وهيمنة الخطاب التأويلي الأصولي المتشدد الذي أشاع قيودا كثيرة على الثقافة والفكر وعلى حرية الرأي والتعبير، على نحو أدى إلى قمع قوى التفكير وانتهاك بالغ لحرية الإبداع. أما أخطر السمات قاطبة فهو بروز الظواهر الإرهابية الحاملة لأيديولوجية التوحش، والتي باتت قادرة على إشاعة الفوضى وعدم الاستقرار في كثير من الدول العربية. مشكلة الثقافة العربية أنها ثقافة بلا قلب، ثقافة لا تعرف الحب وتكره الجمال ولا تعترف بالإنسانية.