لم يمنع المرض، العديد من الشباب المنومين في مستشفى جازان، في إنقاذ الآخرين خاصة المسنين وغير القادرين على الهرب سواء من النيران، أو الدخان الذي ملأ كافة أرجاء المستشفى، مطبقين المثل الذي يعبر عن التكافل بأن «الأعمى يحمل الكسيح» في المصائب. ورغم أن محمد دوس، كان يمكنه الهرب من الدخان، نافذا بجلده، لكنه بقي صامدا وسط الدخان، متناسيا أنه أحد المرضى المنومين الذين يجب إسعافهم وإنقاذهم، يقول «ألهمني الله تعالى القوة والصمود، فرفضت الرحيل وفضلت إنقاذ كبار السن، غير القادرين على النجاة». ومع تصاعد ألسنة اللهب واتساع رقعة الدخان لتملأ فضاء المستشفى، كان دوس يصارع من أجل إنقاذ من يحملهم على أكتافه، من المنومين في الطوابق العليا، «لم أتحمل صراخ الأحياء خوفا من أن تلتهمهم النيران، فسارعت ونسيت ما بي من آلام، وحملتهم لأصعد إلى الطوابق العليا، متسلقا السلالم الخشبية، وأحطم النوافذ للخروج بهم، وبفضل من الله تم إنقاذهم». ولأن دوس من المنومين سابقا، لم يتحمل الدخان، ليسقط بعد أداء مهمته بنجاح، ويتم نقله وإسعافه إلى مستشفى خاص، وبعدما فاق تنفس الصعداء «الحمد لله أن سخرني للآخرين». ولم تقتصر مواقف البطولة على دوس المنوم في المستشفى، إذ تنافس الكثير من الشباب ممن كانوا في الخارج للقيام بهذا الدور، فشارك الشاب عبدالرزاق حلواني، في إنقاذ الآخرين، ليصاب بإصابات من الحادثة، لكنها لم تمنعه من التضحية بنفسه لإخلاء المصابين والمنومين من كبار السن. يقول حلواني: «كنت أشاهد الحريق منذ البداية ولم يتواجد سوى عدد بسيط من الجهات المعنية للإنقاذ والإسعاف، وكان هناك تجمهر كبير في الخارج، واتفقنا على التضحية للدخول للمستشفى لإنقاذ العالقين في الداخل جراء تواصل النيران مهما كانت النتائج، والحمد لله تمكنت مع عدد من الشباب الدخول للمستشفى والوصول للممرات بجانب غرف التنويم، وشاهدنا نساء يحملن أطفالهن المنومين ويهرعن في حالات هيستيرية بحثا عن مخرج، واستطعنا الإمساك بهن والخروج مع أطفالهن من وسط الدخان، لكننا عندما عدنا للآخرين وجدناهم للأسف جثثا هامدة وقد لفظوا أنفاسهم».