لا أحد يتذكر النجوم على الأرض.. الناس لا تنظر إلا إلى السماء، يا عصفور الجنة، من تلك السماء العالية حدثنا عن نجوم الأرض. يا عصفور الجنة، حدثنا أين نلقى تلك النجوم على الأرض؟ تلكم الأبيات للكاتبة اليابانية (ناكاجيما ميوكي) والتي غنتها في مقدمة برنامج يسمى (المشروع إكس) والذي يُعرّف بإنجازات وتضحيات أناس عاديين لم تسلط عليهم الأضواء رغم عظم ما قدموه ولذلك استحقوا أن يطلق عليهم (نجوم على الأرض). في مقالة اليوم نستعرض نماذج لتلك النجوم من أرض بلادي المملكة العربية السعودية. نبدأ من تبوك، هناك وفي ليلة من عام 2004م خرج ذلك الشاب ليشتري الخبز لزوجته وأطفاله الخمسة ليفاجأ بالناس تصرخ والفزع ينتابها. مد نظره ليصعق برؤية شاحنة وقود اشتعلت فيها النيران وقد هرب منها سائقها، لم يتردد أبداً فركض بكل ما أوتي من قوة وقاد الشاحنة المشتعلة لأبعد نقطة ممكنة عن ذلك الحي السكني المكتظ بالسكان.. وما هي إلا لحظات وتنفجر تلك الشاحنة وينفجر جسد ذلك البطل وتنفجر الدموع من آلاف الأرواح التي قدم حياته لإنقاذها.. ذلكم البطل الرقيب (علي حمود السريع) رحمه الله. وننتقل إلى جدة، ففي 2011م وقع حريق في مدرسة (براعم الوطن) للبنات وهرع الجميع للهرب واضطر البعض للجوء إلى الأدوار العليا نتيجة كثافة النيران والدخان في السلالم المؤدية للدور الأرضي، وفي ذلك الوقت العصيب آثرت معلمتان مساعدة البنات الصغار على الهرب عبر القفز من النوافذ حيث كان المتطوعون والدفاع المدني في استقبالهن. ومع الانهماك في إنقاذ الطالبات فقدت المعلمتان وعيهما وقدمتا أرواحهما فداء لبراعم الوطن.. وصدق في هاتين البطلتين قول الشاعر علي الزهراني: (وأكبر مثل للتضحية والمهابة.. غدير كتوعة وريم النهاري) رحمهما الله. محطتنا التالية في رابغ عام 2012م، حيث كان الأخوان (يوسف وياسر العوفي) في طريقهما إلى قريتهما لتباغتهما السيول ورغم تمكنهما من الخروج بالسيارة من عمق الوادي سمعا صوت استغاثة من رجل داهمته السيول ومعه ست نساء وهو يصرخ "تكفى!!". فما كان من الأخوين إلا العودة وإنقاذ تلك العائلة ومع اشتداد وطأة السيل كانا يستجمعان قواهما في محاولة لدفع السيارة. وسط هذا الخضم استغاث رجل آخر بهما لإنقاذ ابنه من السيارة التي راح السيل يجرفها. وبدون تردد اتجه البطل (يوسف) سابحاً لإنقاذ ذلك الطفل إلا أن الموج أغرقه، رحمه الله، ليضحي بحياته لأجل الآخرين. وما زلنا مع السيول ولكن في جدة مرة أخرى، حينما قام البطل (عبدالرحمن الشمري) بإنقاذ 15 شخصاً من الغرق عام 2011م. ويروي عن بطل آخر كان يصارع الموج مع والدته المسنة ولم يكن أمام عبدالرحمن سوى إنقاذ أحدهما ورغم صراخ الأم بأن يتركها لأنها مريضة وكبيرة في السن أبى ذلك الابن البار قائلا:" أنقذ والدتي ودعني أموت أنا!!". وقدم الابن البطل، رحمه الله، حياته فداء لأمه التي تم إنقاذها... ولا ننسى أبطال قواتنا المسلحة وقوات أمننا الذين قدموا حياتهم فداء لدينهم ومليكهم ووطنهم ضد المعتدين ومنظمات الإرهاب والمخدرات والجريمة. وتظل الكلمات عاجزة ولا توفيهم حقهم.. كما نذكر البطل (فرمان علي خان)، رحمه الله، أخانا المسلم من باكستان والذي أنقذ 14 نفساً في سيولجدة قبل أن توافيه المنية غرقاً. وأخيراً،، فمن الوفاء والتقدير لتلك النماذج الوطنية المشرقة وعوائلهم إبراز بطولاتهم وتضحياتهم في إعلامنا ومناهجنا الدراسية ليكونوا القدوات الصالحة للأجيال القادمة!! وأختم بمقطع آخر من قصيدة ناكاجيما ميوكي عن الأبطال: (هم الثريا في النسمات.. هم المجرات في الرمال.. أين رحلوا من دون أن نودعهم؟)..