على الرغم من التوجيهات القرآنية العظيمة والنبوية الكريمة بعدم جواز تتبع العورات والخوض في سير الناس وفضحهم وأكل لحومهم، إلا أن الإنسان أصبح لا يغشى مجلسا أو يرتاد مناسبة إلا ويسمع من يخوض في السير والأعراض محدثا من حوله عما وصله من أخبار أو عما اطلع عليه من أسرار، مباهيا بذلك وأن خوضه في تلك الأمور جعله محط الأنظار، وربما رأى الواحد منا مثل هذه الصور القبيحة من الغيبة المذمومة فلم يتوقف أمامها كثيرا لأن البلاء عم والنفوس ضعفت فلم يعد معظم الناس يتصدون لهذا الخلل الاجتماعي الخطير مع أنهم قد يكونون من بين ضحاياه في أي وقت، وتبلغ المأساة ذروتها عندما تدور الأحاديث عن أسرار البيوت والأعراض فيأتي من يحدث أصحابه بأن ابنة أو زوج فلان قبض عليها مع شاب غريب عنها مؤكدا لمن يستمع إليه بعض ما يزعم أنه قد اطلع عليه من تفاصيل القضية أو الفضيحة الاجتماعية محاولا تعريف كل جلسائه بالأسرة التي «جنحت» فتاة أو امرأة منها وأن خالها فلان.. ووالدها علان وسكنها عند البازان، بينما ينظر إليه الحاضرون بإعجاب وقد شد مسامعهم وتملك قلوبهم دون أن يطرأ في بال أي منهم عظم ما يفعله ذلك «النذل» من هتك للأستار والأسرار وتتبع قميء للعورات وأنهم يشاركونه في الإثم لأنهم فتحوا آذانهم الكبيرة له ولم يوبخوه ويزجروه على فعلته النكراء، ولو كان فيهم رجل رشيد لما سمح له بالخوض في أعراض المسلمين ولذكره بقوة بالوعيد الشديد الوارد في الحديث النبوي الشريف بأن من تتبع عورات الناس تتبع الله عورته حتى يفضحه في جوف رحله، فإذا نزل به ذلك العقاب ندم على ما حصل منه ولات ساعة مندم!