لم يحسم مجلس الشورى، أمس، مصير التقرير السنوي للمؤسسة العامة للتقاعد للعام المالي 1435/1436ه، وفيما طالب أحد أعضائه بحضور محافظ المؤسسة لمناقشته في الإشكاليات التي تواجه المؤسسة، التي وصلت إلى عجز يصل إلى 45 مليار ريال في مستحقاتها لدى وزارة المالية (كما نشرت عكاظ سابقا)، طالب عضو آخر بحضور وزير المالية لحسم التخوفات من مستقبل المتقاعدين. وأوصت اللجنة المالية في الشورى بضرورة أن تقوم المؤسسة العامة للتقاعد وبالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة باتخاذ الإجراءات التصحيحية النظامية والمالية لمعالجة العجز النقدي القائم، داعية وزارة المالية إلى سرعة استكمال تسديد المستحقات، وضرورة الشروع بتنفيذ الحلول الدائمة لمعالجة العجز (الاكتواري) وفق خطة عمل محددة وبما يحقق الاستدامة المالية. وفتحت التوصية بأن تراجع المؤسسة استراتيجياتها الاستثمارية بهدف رفع معدل العائد على الاستثمارات سنويا، باب الانتقادات، حيث إن عضو المجلس الدكتور عبدالله الحربي اعتبر استثمار المؤسسة نسبة 43% في الأسهم عالية المخاطر، قد تصل أحيانا إلى فقدان رأسماله بالكامل، وبالتالي على المؤسسة أن لا تتوسع في هذا النوع من الاستثمار خاصة في ظل الاضطرابات المالية والاقتصادية السيئة للغاية التي يعيشها الاقتصاد العالمي في السنوات الأخيرة. واعتبر الحربي معالجة اللجنة المختصة للتقرير يغلب عليه طابع العموميات، وقال: كنت أتمنى من اللجنة أن توضح ما هي الإجراءات التصحيحية النظامية والمالية كي تساعد المؤسسة في التغلب على مشكلة العجز النقدي، ولماذا لا يقترح موعد محدد وجدول زمني تقوم خلاله وزارة المالية بتسديد الأرصدة المستحقة. وفيما أشار الدكتور حاتم المرزوقي إلى أن الخلل في استثمارات المؤسسة الداخلية، ذكر الدكتور محمد آل ناجي أن إجمالي استثمارات المؤسسة بلغ 521 مليار ريال، منها 267 مليار ريال استثمارات خارجية حققت عائدا مقداره (6.5) وهو عائد ممتاز مقارنة بعوائد الصناديق الدولية الأخرى، حيث جاء الصندوق التقاعدي في المرتبة الثالثة في عوائد الاستثمارات. أما عائد الاستثمارات الداخلية التي بلغت (254) مليارا فقد بلغت (4.9)، وقال: أعتقد أن على المؤسسة أن تراجع استثماراتها الداخلية على أن تراعي عدم الاستثمار بشكل كبير في الأسهم المحلية حتى لا يتأثر السوق عند حاجة المؤسسة إلى تسييل أصولها في سوق الأسهم. ومن الايجابيات في التقرير أن المؤسسة العامة للتقاعد توصلت إلى حلول لمعالجة العجز في حساب التقاعد، حيث سترتفع مساهمة الدولة في اشتراكات الموظفين المدنية إلى (14%) بينما مساهمة الدولة في اشتراكات العسكريين إلى 18% وهذا من شأنه معالجة العجوزات القائمة أو المتوقعة. وحذر أحد الأعضاء من أن السوق المحلي لا يتحمل المزيد من الاستثمارات التي تقوم بها المؤسسة العامة للتقاعد. وذهبت عضو المجلس الدكتورة فاطمة إلى أهمية أن تراجع المؤسسة سياساتها واستراتيجياتها الاستثمارية، وقالت: والتي بات من الواضح إخفاقها البين وقصورها عن إدارة أموال المتقاعدين. وتساءلت والدكتور ناصر الموسى عن مصير نظامي التقاعد المدني والعسكري، خاصة أن تقرير المؤسسة لم يشر إلى أي تطور بشأنهما منذ بداية خطواتهما عام 1423ه. وطالب الدكتور عبدالرحمن العطوي بإيقاف التقاعد المبكر الإلزامي للعسكريين مؤقتا إلى حين إيجاد آليات عادلة، وأوصى عضو الشورى جبران القحطاني المؤسسة بدراسة إمكانية تحويلها إلى شركة استثمارية قابضة. وقدم عدد من الأعضاء - في مداخلاتهم - مقترحات تهدف إلى تطوير عمل المؤسسة، حيث اقترح أحد الأعضاء توزيع استثمارات المؤسسة على مناطق المملكة للإسهام في تنميتها، فيما طالب آخر بدراسة العمل على استثمار الأراضي البيضاء التي تمتلكها المؤسسة في مواقع مهمة داخل المدن الكبرى، واقترح آخر ربط الراتب التقاعدي بمعدل التضخم لدعم القوة الشرائية للمتقاعدين. وفي نهاية المناقشة وافق المجلس على منح اللجنة مزيدا من الوقت لدراسة ما طرحه الأعضاء من آراء ومقترحات والعودة بوجهة نظرها إلى المجلس في جلسة قادمة.