الاندفاعة الروسية العسكرية نحو سوريا ستغير، بلا شك، معادلة الصراع هناك، لكن ليس لصالح السوريين بل لصالح إطالة بقاء بشار الأسد وإدامة الصراع في هذا البلد المنكوب وفي المنطقة بشكل عام. ربما يرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الوقت مناسب لاستعراض العضلات الروسية في الشرق الأوسط خاصة أن التردد الأمريكي في حسم المسألة السورية على الأرض يشجعه على ذلك ويمكنه من حيازة (الورقة) الأهم في صراع الأضداد الدوليين والإقليميين الجاري على الأرض السورية. الأمريكيون لا يبدو أن لديهم تغييرا في موقف التردد المعروف، إن جاز أصلا اعتبار (التردد) موقفا يؤدي إلى نتيجة. وجل ما أظهروه بعد أن ربضت الطائرات الروسية في المطارات السورية، «أنهم قلقون من هذا التغير الجذري في الموقف الروسي» و«أن أمريكا تدعم جهود روسيا في محاربة تنظيم «داعش» ولكن هذا لا يعني دعم بشار الأسد» و«أن استمرار دعم روسيا للرئيس السوري يثير مخاطر تصاعد الأزمة.»، ما يعني، من كل هذه التصريحات، أن هناك، كما أشار البعض، مباركة أمريكية للخطوة الروسية طالما أن ذلك يقع في دائرة محاربة تنظيم داعش. لكن من في هذا العالم لا يعرف أن الحضور الروسي، القديم والجديد في الأزمة السورية، ليس له هدف سوى تثبيت أركان النظام السوري القائم بقيادة بشار الأسد.؟! وأن الروس والإيرانيين تعاونوا منذ تفجر هذه الأزمة ليمنعوا هذا النظام من السقوط بالرغم من الأثمان الباهظة التي دفعها السوريون قتلى أو جرحى أو مهجرين يطرقون كل الأبواب الممكنة بحثا عن الأمن وعن الحد الأدنى من العيش والكرامة. الروس أنفسهم لم يخفوا ذلك، بل وأعلنوا أن وجودهم السياسي والعسكري في سوريا هو لتدعيم أركان نظام بشار الأسد ومنع سقوطه، خاصة بعد أن مني هذا النظام ومن يدعمه من ميليشيات حزب الله بخسائر فادحة على الأرض وأصبحت معاقله الفئوية والطائفية ذاتها مهددة. ولذلك يمكن أن نفهم الترحيب الشديد من حسن نصرالله بالتدخل العسكري الروسي في سوريا مؤكدا، كشاهد من أهل النظام السوري، على أن الموقف الروسي بما يخص الرئيس الأسد لم يعد فيه التباس، وحتى في إيران جربوا المحاولة لإقناعهم بالبحث عن بديل عن الرئيس الأسد، وأن الموقف الروسي والموقف الإيراني حاسمين جدا بدعم الرئيس بشار الأسد.». إذن فإن الروس في سوريا يدعمون فقط بقاء بشار الأسد ولا علاقة لوجودهم بمحاربة التنظيمات الإرهابية إلا في إطار ما يحقق هذا الهدف، وعلى الأمريكيين والأوروبيين أن يوفروا عناء تصريحاتهم لأن الورقة السورية بأكمها أصبحت في اليد الروسية التي لم يتغير موقفها أبدا من الأزمة بعكس المواقف الأمريكية والأوروبية التي تبدو حائرة ومترددة.