من الواضح أن كل الأطراف الدولية الفاعلة في الأزمة السورية فهمت أهداف بعضها البعض تماماً بعد أن عرفت المواقف، وزالت تماماً كل الضبابية التي غشيت مواقف بعض تلك القوى.. والآن وصلنا إلى الحسم الذي يكفي فيه أن تتفق القوى الكبرى على الحل ثم تتبعها الصغرى ولو جبرياً.. وما دام الاختلاف في المواقف قائما فإن مستقبل سوريا سيكون أكثر ظلامية من حاضرها لأن كل القوى ستدافع عن مواقفها في الملف الإقليمي الأكثر سخونة بالمنطقة منذ خمس سنوات، وقد ينعكس تأثير هذا المستقبل على ملفات إقليمية ساخنة وقابلة للانفجار والتشظي بما أن معظم القوى الدولية الفاعلة في سوريا هي نفسها الفاعلة في تلك الملفات "العراق، لبنان، ليبيا". تدرك دول المعسكر الذي يتمسك ببقاء الأسد أن بقاءه لن يطول أبداً وأن الحل السياسي لا يمكن أن يشمله لأنه أساس كل الاختلافات القائمة في الرؤى والمواقف بين هذا المعسكر "الروسي – الإيراني" والمعسكر "الخليجي – التركي – الأميركي" وبالتالي هي تلعب على عامل الوقت بإطالة أمد المفاوضات واستمرار استهداف النظام للمدنيين للركون للمخرج الوحيد والقائم حتى الآن أمامهم وهو التقسيم. هذا احتمال أوّلي في حال تزمُت القوى والتزامها بمواقفها وهو أسوأ الاحتمالات عموماً إذا كانت روسيا بالتحديد لا تزال متمسكة بالأسد لأن ما بعد التقسيم هو انتقال جغرافي لنظام بشار المزعج إقليمياً داخل حدود الدولة السورية مما يعني أن الصراع بعد سقوط الدولة والنظام سيزداد وسيكون البديل الأكثر جاهزية هو «داعش» و«النصرة».. لكن إن أثمرت الضغوط العربية على روسيا وقُدمت بدائل استراتيجية أكثر نفعاً لها من نظام بشار الأسد القائم الآن فمن المؤكد أن تتبع روسيا مصلحتها وتتخلى عن بشار الأسد.. لأنها تدرك ويجب أن تدرك أكثر أن سوريا التي يحكمها بشار ليست أفضل بالنسبة لروسيا ودول الإقليم من سوريا ما بعد بشار، وأن خيار التقسيم أو خيار استمرار الأسد ضمن أي حل سياسي سيعني استمرار "بعبع" «داعش» وباقي الجماعات المتطرفة كورقة تخويف ضد مستقبل أي حل سياسي وإفشال صريح لكل الجهود الدولية في محاربة «داعش».. فإن كانت روسيا مهتمة فعلاً بتطوير علاقاتها مع الدول العربية والخليجية على وجه الخصوص ورفع مستوى التعاون الاستراتيجي معها واستغلال التباين بمواقفها مع مواقف الولاياتالمتحدة فعليها ألا تجرب القوة العربية العسكرية التي أشار لها وزير الخارجية السعودي بحال لم ينفع الحل السياسي، وأن تتذكر بأن قدرة نظام الأسد عسكرياً ضعيفة ضد الإرادة الدولية بعد أن أهين بالحرب ضد «داعش» على أرضه وبتدريب المعارضة المعتدلة بالرغم من معارضته .. وعليها أيضاً أن تكون أكثر مرونة مع دول الخليج في الملف الأكثر أهمية وسخونة إقليمية وعربون ذلك من دول الخليج لا يمكن أن يكون قليلاً.. والأكيد أن الفرصة الذهبية أمام روسيا للدخول للمنطقة من أوسع أبوابها وأكثر فائدة استراتيجية باتت سانحة، ولكنها لابد أن تمر أولا بالمحطة السورية. كاتب سعودي ghazico13 رابط الخبر بصحيفة الوئام: روسيا والفرصة الذهبية