بعد أيام قليلة يهل علينا عيد الأضحى المبارك وفيه تكثر الأضاحي ويتناول الفقير قبل الغني كميات وافرة من اللحوم و الدهون عما يزيد عن احتياجات الجسم الفعلية، و بعدها تطل علينا بعض مشاكل الجهاز العصبى والنفسي التى يجب أن ننتبه لها و نسلط عليها بعض الضوء، فعلى سبيل المثال تزداد نسبة جلطات المخ 14% لمن يأكل من اللحوم والدهون ما يزيد عن حاجته، كما يزيد معدل تكرارها لهؤلاء الذين أصيبوا بها من قبل و لذا يجب الانتباه إلى عوامل الخطر التي ترسب الجلطات مثل ارتفاع ضغط الدم و عدم انضباط سكر الدم و مشاكل القلب و عدم ممارسة الرياضة و التدخين والتوتر النفسى. إن الاعتدال فى تناول اللحوم - و لا نقول تجنبها أو الافراط فيها- مهم جدا للجهاز العصبى حيث أن البروتينات تحتوي على أحماض أمينية تساعد على تنشيط الذاكرة و تحسن من وظائف المخ المعرفية، و من هنا يتضح أن النظام الغذائي له علاقة كبيرة بضعف الذاكرة أكثر من علاقة الجنس أو الجينات الوراثية فكل ما نأكله يؤثر بشكل واضح على الذاكرة و التركيز و مستوى الذكاء، وقد ثبت أن الأشخاص الذين يتناولون وجبة غنية بالبروتينات يميلون إلى أن يكونوا أكثر يقظة، بينما تناول وجبة غنية بالكربوهيدرات يجعلنا أكثر هدوءاً وميلا للنعاس. إن اللحوم غنية بالحامض الأمينى تايروزين الذي يتحول فى المخ إلى ناقل عصبى يسمى دوبامين و الذى يتحول بعد الإحساس بالنشاط و اليقظه إلى هرمونى الأدرينالين و النور أدرينالين اللذين يمدان الجسم بالطاقة و الحيوية، وعلى النقيض فان الكربوهيدرات تزيد من معدل السيروتونين فى الدماغ، وهو عنصر كيميائى مهدئ للأعصاب يبعث على الارتياح وعدم الاكتراث ولذا ننصح بفنجان من القهوة يومياً مع وجبة الكربوهيدرات مما يجعلنا نعمل و نفكر بطريقة أسرع و بجدارة أكبر. و هنا نذكر بأن الإكثار من القهوة له أضرار جمة حيث أن الكافيين الموجود فى القهوة يبقى أثره فى الجسم لأكثر من خمس ساعات، فتناول قدح من القهوة أو كوب من الكولا قبل النوم عند منتصف الليل يمكن أن يسبب قلقا أثناء النوم وبالتالى يؤثر على القدرة الذهنية فى اليوم التالى. ومن الضرورى أن نعرف أن الشاى يحتوى على حمض التانيك الذى يمتص السموم من اللحوم قبل أن يتم هضمها و تصل للمخ و من هنا ننصح بتناول كوب من الشاى عقب كل وجبة دسمة من اللحوم و يصل هذا التأثير إلى 75%. من المعروف أن تناول اللحوم يقى من فقر الدم (الأنيميا) و التي بالتالي تؤثر على ضعف الذاكرة، فالحديد يساعد على نقل الأكسيجين إلى الخلايا وخاصة المخ فعندما ينخفض مستوى الحديد تكون الخلايا في حاجة إلى الأكسيجين ويؤدي ذلك إلى الإحساس بالتعب وفقدان الذاكرة وضعف التركيز وقلة الحماس وضعف الانتباه وانخفاض مستوى الأداء فى العمل، فكيف يمكننا أن نزيد نسبه الحديد فى جسمنا؟ الإجابة ببساطة عن طريق زيادة تناول الوجبات التي تحتوي على نسبة عالية من الحديد مثل اللحم الأحمر الخالى من الدهون والبقوليات الجافة المطبوخة والبازلاء والخضروات الورقية الخضراء الداكنة كالسبانخ والملفوف والمشمش المجفف وشرب عصير البرتقال الطازج مع الوجبات الغنية بالحديد حيث يساعد فيتامين ج الموجود بالبرتقال على امتصاص الحديد بقوة أكبر. وغني عن التعريف أن نقص عنصر البوتاسيوم في الدم يؤدي إلى مزاج عصبي وطباع سيئة، ويصبح الشخص المصاب بهذه الحالة كثير التأفف، سريع الغضب مضطرب الرؤيا محب للنوم ويصاب بالإعياء بسرعة كبيرة وقد تفوق عصير الجزر الاصفر على كل وسائل العلاجات الأخرى فى التغلب على هذه الحالة ولذلك ينصح بشرب كأس واحد إلى كأسين من عصير الجزر فى اليوم دون إفراط، كما يجب أيضاً أن نهتم بأن يحتوي غذاؤنا على الخضروات الطازجة نظرا لغناها بعنصر البوتاسيوم. و لحسن الحظ فإن جسم الإنسان يحتوي على أجسام مضادة لأكسدة المواد الغذائية و التى تتضمن فيتامين ج و ه، كما تساعد الرياضة على إفراز مادة الاندورفين و هى مادة مسكنة للآلام. أما بالنسبة لمادة أوميجا3 فهي غذاء صحي للجسد والذهن معا ، واوميجا3 عبارة عن حامض دهني غير مشبع، لايتكون فى الجسم، لذا يجب الحصول عليه من الغذاء ومن أغنى المصادر بهذه الماده زيت الكتان وهو ما يسمى عند المصريين القدماء بالزيت الحار ويضيفونه إلى الفول المدمس ويعتبر هذا الزيت من أغنى المصادر باوميجا3 بالإضافة إلى الاسماك الدهنية كالتونة والسالمون وزيت كبد الحوت زيت اللوز وزيت فول الصويا وقد وجد ان هذا الحامض يمنع حدوث الجلطة وتصلب الشرايين كما أنه يقلل من ضغط الدم المرتفع، ويوسع الأوعية الدموية ويقلل من تجمع الصفائح الدمويه مما يمنع تكون الجلطه ويقلل من نسبه الدهون الثلاثيه في الدم ويمنع تراكم الدهون وبعض المواد الاخرى المسببة للتصلب علي جدران الشرايين كما يساهم في زيادة معدل الكوليسترول النافع اتش دي ال على حساب ال ال دى ال وهو الكوليسترول الضار ويقلل من الالتهابات ومن ثم يحمي من الإصابة بأمراض القلب فهو يلعب دوراً أساسيا في نمو الدماغ وعمله. كما ثبت أن هذه الماده تخفف من اضطرابات وتقلبات المزاج وترفع المعنويات لأنها من أهم العناصر الأساسية المكونه للدماغ وللأغشية الدماغية بشكل خاص، وقد سجل تحسن ملحوظ لحالة المرضى المصابين بالاكتئاب بعد استهلاكهم ما يكفي من أحماض اوميجا3 ناهيكم عن أن هذه الماده تلعب دوراً هاماً في حماية القدرات الذهنية والوقاية من مرض الزهايمر وقد ثبت أن حامض اوميجا3 يحول دون الإصابة بالاكتئاب الموسمي مع تردي الأحوال الجوية وذلك عبر تنشيط وإفراز الميلاتونين، كما انه فعال في محاربة الاكتئاب الذي يلي الولادة. الأستاذ الدكتور مجدي دهب استشاري الأمراض العصبية مستشفى الأطباء المتحدون