الملاسنات والاشتباكات اللفظية بين موظفي الدوائر والمراجعين باتت مشهدا يوميا تتناقله الوسائط بالرفض او القبول، كل يدافع عن طرف ضد آخر ولكل مبرراته ومسوغاته. فالموظف يرى أن من واجبه اداء مهامه بالصورة التي قررتها الانظمة واللوائح والقوانين، والمراجع يؤكد من جانبه ان الموظف ملزم بخدمته تحت اي ظرف وفي اي مكان، وإن كانت مواقع التواصل الاجتماعي انتزعت هذه الحالات التي كانت تحدث منذ حقب بعيدة فإن ظهور المقاطع ونشرها بهذه الكثافة أوحى للبعض أن الملاسنات بين المراجعين والموظفين وكأنها ظاهرة جديدة وليدة اليوم. «عكاظ» فتحت الملف واستمعت الى مختلف الآراء في هذا الجانب كما تلمست آراء القانونيين حول النظام الذي يحمي الموظف والمراجع على حد سواء.. ولم يكن من المناسب تجاهل آراء الطرفين «المتنازعين» فاستمعت الى المعتدين والمعتدى عليهم، باعتبار ان الوقائع الاخيرة تشير الى تهجم بعض الموظفين على مراجعي دوائرهم. فن التعامل مع الجمهور أول مقترح في تحليل حالات التلاسن والمخشنة جاء من مراجعين حثوا الجهات المعنية على إلحاق الموظفين الحكوميين وغيرهم ممن يتعاملون مباشرة مع الجمهور بدورات في فن التعامل مع الآخرين حماية لهم وللمراجعين من أي أضرار قد تحدث نتيجة سوء التفاهم او الاستعجال وضغوطات العمل، ومن المقترحات ايضا اصدار نظام لمعاقبة المعتدي ايا كانت صفته. في سؤال مباشر عن تقييمهم ورؤيتهم لحوادث الاعتداء والتلفظ بين الموظفين والمراجعين أجاب مواطنون من تبوك فقال الدكتور عبدالله صالح الحارثي إن ظاهرة الاعتداء والتلفظ بين كل الأطراف سواء من موظف أو مراجع في الدوائر الحكومية أمر مرفوض تماما وسلوك سيئ، فالموظف يجب عليه احترام المراجع كونه صاحب مصلحة الموظف لم يأت إلا لخدمته، إلا اذا تجاوز المراجع حدوده واستفز الموظف فيجب أن تتخذ معه الإجراءات القانونية دون تجاوز للأنظمة والقوانين.. والمأمول في هذا الشأن الحاق الموظفين الذين يتعاملون مع الجمهور بدورات تدريبية في فن التعامل مع الجمهور ويجب على الموظف الوعي بأهمية خدمة المواطن والمراجع مهما كان. وفي المقابل يجب على المراجع احترام الموظف والابتعاد عن استفزازه. واستغرب الحارثي ظاهرة تصوير الموظفين في الخفاء معتبرا ذلك جرما يعاقب عليه القانون. من جانبه دان حمود العطوي اعتداءات الموظفين على المراجعين مشيرا الى ان المراجع من حقه أن يطلب ويسأل وما جاء الموظف الى مقعده هذا الا لخدمة المواطن، مطالبا الجهات الحكومية بضرورة انتقاء الموظفين .أما المدرب المتقدم في التنمية البشرية وتطوير الذات مهدي قرمادي فأكد أنه يجب على الموظفين المتعاملين مع الجمهور الالتحاق بدورات فن الاتصال أو فن التعامل مع الآخرين، مشيرا الى أنها ستعمل على اكسابهم مهارة الاستماع الجيد، وتقبل الرأي الآخر، ومهارة حل المشكلات بطريقة ابداعية. عدم ثقة في المهارات عبدالله البلوي يعتقد ان الاعتداءات مردها عدم ثقة الموظف في مهاراته وامكاناته والاهداف العامة للجهة التي يعمل بها. ومع ذلك يرفض البلوي ظواهرة وتصرفات بعض المراجعين ممن يصورون الموظفين وهم في حالة انفعال وغضب، مشيرا الى ان من حق من انتهكت خصوصيته اللجوء الى الجهات العدلية ومقاضاة المصور، مضيفا «يجب زرع كاميرات تصوير داخل المكاتب التي يتردد عليها المراجعون بشكل مستمر لمعرفة من المخطئ سواء الموظف أو المراجع». وأشار البلوي إلى أن المقاطع التي ظهرت مؤخرا تبين أن الخطأ صادر أولا من بعض الموظفين ولا احد يعلم الخفايا وما سبقها، وتوجيه الكاميرات سيسهم في معرفة من المخطئ. حسن النية في التصوير من وجهة نظر قانونية في التصوير، يرى المحامي علي الغامدي ضرورة تعامل الجهات التي تتم مخالفة ضوابطها في مواقعها الخاصة بما يرد في تنظيماتها مع من يخالف تنظيم التصوير في منشآتها، والتعدي على حقوق الأشخاص أو الأملاك الخاصة أو العامة وفق ما تقتضيه كل حالة، على ألا يتجاوز ذلك مصادرة الأفلام والصور ولفت النظر إذا ثبت حسن النوايا، ما لم تتكرر منه المخالفة فتتخذ الجهات الأمنية الإجراء المناسب الذي تقدره حسب كل حالة فإذا كان للمنشأة تنظيم خاص للتعامل مع المخالف فيتم تطبيقه وإذا انعدم هذا التنظيم وغاب فيكون تطبيق القواعد العامة في الشريعة والنظام لاسيما مع اصطحاب حسن النوايا من عدمه وللقاضي سلطته التقديرية حينئذ بإيقاع العقوبة من عدمه وفق ما يمثل أمامه من بينات وملابسات مؤثرة. تناول إعلامي مثير وعلى السياق ذاته يرى المحامي والمستشار السابق في وزارة الداخلية عويض محمد العتيبي انه لا يجوز لأي موظف أن يعتدي على أي مراجع فهو قد وضع لخدمته ويجب على الموظف أن يقوم بأداء عمله في حدود مهام وظيفته وإمكانياته دون أن يستغل مكانته الوظيفية- يجب على المراجع أن يلتزم الأدب ويتقيد بالنظام ولا يشوش على الموظفين ويزعجهم عن أداء أعمالهم، أما في حالة الاعتداء والضرب أو غيره فإن القضية تتحول إلى جنائية، والموظف والمراجع أمام النظام سواسية ويحق لكل منهما أن يطالب بحقه وليس للموظف أي حصانة تحميه من المراجع المعتدى عليه، والاعتداء بالضرب فيه حق عام للدولة وحق خاص للمعتدى عليه ويحب أن يكون الإعلام نزيها وعادلا ومنصفا هدفه الإصلاح وألا يثير أي قضية الا بعد التحقق منها ومن ملابساتها ثم يتحدث عنها حسب النظام حتى يسهم في حلها بطريقة نظامية سليمة تكفل الحق للجميع لأن الإثارة والزوبعة تولد التشويش والاثارة. عن نشر مثل هذه المقاطع على مواقع التواصل الاجتماعي في الشبكة العنكبوتية يقول الاعلامي جمعة الخياط الخبير في التحليل والبحث الاجتماعي والصحي إن انتشار المقاطع الملتقطة بواسطة كاميرات المراجعين اصبحت ظاهرة واسعة لأسباب عدة منها ان غالب افراد المجتمع اصبحوا اعلاميين بل يتفوقون عليهم احيانا في سرعة التفاعل والبث والسبق دون حسيب او رقيب وساعد على الانتشار التقدم الكبير الذي حدث في أجهزة ووسائل الاتصال والتصوير التي أصبحت في متناول يد الجميع وأصبح في امكان اي شخص التصوير والتسجيل بدقة وإرسال المقطع الى العالم في ثوان. ويضيف الخياط انه نظرا لعدم وجود قانون جنائي واضح المعالم للمخالفات أو ما تسمى الجرائم الإلكترونية من تشهير وقذف واستيلاء على ملكية وحقوق الغير إلكترونيا فقد انتشرت ظاهرة التصوير والتسجيل والإرسال على مواقع التواصل الاجتماعي. التزام الصمت أفضل عضو مجلس ادارة الغرفة التجارية في المدينةالمنورة مجد المحمدي يقول إن المجتمع وصل إلى درجة كبيرة من الوعي والادراك وبات يدرك حقوقه وواجباته ولابد من انظمة رادعة ليتحمل المخطئ نتائج تصرفاته بعيدا عن المحسوبية. ويلفت المحمدي الى انه يجب على كل مسؤول مواجهة الجمهور والمواطنين بحسن الخلق ومنحهم حقوقهم مهما كانت ومن الأفضل للموظف غير الكفؤ ترك المنصب لمن يستطيع خدمة الناس بصدر رحب. أما عبير النجار الموظفة في مركز معاملات امانة المدينةالمنورة فأكدت من جانبها ان الموظف مسؤول عن خدمة المواطن بكل احترام وأدب وتقدير وإذا تطاول المراجع على الموظف فهناك جهات مسؤولة هي من تحاسبه وترد اعتباره كما ان تطاول الموظف على المراجعين غير مقبول على الاطلاق.