مبادرات على المكشوف على المستوى الإقليمي والدولي من أجل تعويم نظام بشار الأسد، بدأت هذه المبادرات من طهران التي قدمت خارطة «مرفوضة مسبقا» لحل الأزمة بعد أن أدركت أنه لا بد من مخرج لحليفها بعد الاتفاق النووي الذي أعاد ترتيب أوراقها في المنطقة. في موازاة الدور الإيراني تحاول روسيا تمرير خطة جديدة عبر المبعوث الأممي ديمستورا تقضي بتجاهل الحديث عن مصير بشار الأسد والاتفاق على المرحلة الانتقالية، الأمر الذي اعتبرته المعارضة السورية قفزا على اتفاق جنيف1.. لكن وراء الموقفين الإيراني والروسي -رغم اختلاف درجتهما- ما هو أكبر من بشار الأسد. أمر يتعلق بالمفهوم السياسي لكلا الدولتين. فالتمسك الإيراني والروسي بالأسد، ليس نابعا من قناعة سياسية أن هذا النظام قادر على الحكم والتكيف مع سوريا المستقبلية، وأنه يمكن أن يكون مقبولا على المدى البعيد. وإنما نابع من كون تلك الدولتين لا تريدان أن ترسيا في سياستهما الخارجية قاعدة التخلي عن الحلفاء «الأدوات» في الشرق الأوسط بعد كل هذه الحروب التي خاضها الأسد ضد شعبه، وهذا يعني من الناحية السياسية أن أوراقهما الإقليمية تتساقط في المنطقة وأن أية عملية تحالف مستقبلية ستكون منقوصة الثقة كونهما تخليا عن أحد أهم المرتزقة في المنطقة. وهذا التوصيف ينطبق على الأذرع الإيرانية على وجه التحديد خصوصا في اليمن ولبنان والعراق. أما روسيا فالبعض يعتقد أن موقفها المكرور من بقاء الأسد ما هو إلا لحظة تأمل في سيناريو يضمن نفوذها في سوريا.. ولقد كرر الروس في أكثر من مرة أنهم ليسوا متمسكين بشخص الأسد وإنما بشكل الدولة السورية، إلا أن مثل هذه القناعات تحتاج إلى المزيد من العمل السياسي من أجل تحريكها وبالتالي حل اللغز في سؤال «مصير الأسد». لكن خلاصة القول، أن التجربة الأكثر صدقا في سوريا أن كل ما تم التخطيط له فشل والشيء الوحيد الذي نجح هو الميل للحسم الجذري سواء من قبل النظام أو المعارضة، ولهذا السبب استمرت الحرب ولو كان هناك أقل إمكانية لإبقاء الأسد لما طالت الحرب إلى هذا الوقت.. ومن هنا فإن تكلفة بقاء الأسد في السلطة وفي المرحلة الانتقالية التي نص عليها بيان جنيف1 هو أكبر من تكلفة استمرار الصراع ومن ثمن تعويم النظام، ذلك أن بقاء الأسد يعني استمرار الشحن الطائفي والقتل المذهبي وتهيئة بيئة صالحة للتطرف باعتباره أكبر مراكز التغذية الطائفية في المنطقة.. فالأسد ومنذ اليوم الأول للثورة السورية توعد بإشعال الحرائق في الشرق الأوسط ولعل الكل يدرك أنه ما من خطر أكبر اليوم من نار التطرف الذي تتربع داعش على عرشه.