بدأت المرحلة الأولى للانتخابات البلدية بتسجيل الناخبين بالمناطق، مع حملة توعية وتثقيف جيدة عبر مختلف وسائل الإعلام والاتصال والتواصل، ليكون المواطن مدركا لأهمية هذه الانتخابات وما ستأتي به من ممثلين له في المجالس القادمة، ويكونوا صوته وعينه في متابعة ومراقبة أداء البلديات وخططها. العملية الانتخابية ستشهد فترة حملات منظمة للمرشحين وفق ضوابط محكمة تنظمها، وهنا لا نريد مبالغة إلى درجة النرجسية وبيع الوهم. نريد واقعية ومصداقية في البرامج لا الوعود، ونريد منافسة نزيهة لا تشوهها استقطابات إقصائية (وتكتلات مكاسب) في مظهرها وجوهرها، وقد رأينا في الدورات السابقة تجييشا وكأنه حلبة صراع تيارات بين المرشحين ومؤيديهم وحملاتهم وكل يغني على ليلاه ، ونتمنى أن لا تتغلب تلك الروح السلبية، ولا طريقة (الفزعة)، إنما شرف المنافسة ومعيار الكفاءة للصالح العام. ثقة المواطن في المرشحين، ومن ثم في المجالس القادمة لا تحتاج إلى شعارات مبالغ فيها ولا مجال فيها لتصنيفات، والمرشحون هم الأحق بتأكيد التجرد، فالانتخابات البلدية ليست ساحة لتصنيفات، ولا تتحمل عدوى ما يحدث في تجارب الانتخابات وممارساتها في الخارج بتأجيج انقسامات مجتمعية، وأعتقد أن الضوابط المنتظرة ستحسم هذه الأمور، لكن الثغرات قد تحدث من البعض وتزداد عبر وسائل الاتصال الذكية والتواصل الإلكتروني. نريد انتخابات نظيفة تحرص عليها الجهات المعنية واللجان ذات الصلة؛ لذا ندعو المواطنين أيضا إلى أن يستجيبوا ويتفاعلوا مع العملية الانتخابية بالاطلاع وبالإقبال عليها واختيار الأصلح. ونريد روح المسؤولية في المرشحين، ورؤية إيجابية تجاه دور المرأة في الانتخابات والمجالس القادمة، وقد منحها النظام الانتخابي في هذه الدورة الحق كناخبة ومرشحة، وهي خطوة متقدمة تكمل دور المجالس بوجود شقائق الرجال وفق الإجراءات المنظمة لذلك. فالخدمات البلدية هي لصالح كل المجتمع برجاله ونسائه، ومن الطبيعي أن تعبر المجالس البلدية عن هذا التكامل. لا نريد تأثير المال لمجرد الفوز ثم لا نرى أثرا للمرشحين بعد عين، وليت كل مرشح محتمل من الجنسين يرصد انطباعات شرائح الرأي العام؛ لأنها تحمل رسائل قوية للمجالس القادمة، بعضها يبارك بفرح، وبعضها لا يخلو من إحباطات تركتها المجالس السابقة، ومرارة لا تخفى على كل بصير بغياب وانفصال عن واقع المجتمع. المجالس البلدية ستكون في الدورة الجديدة على المحك واختبار حقيقي، إما تكرم فيه بأداء دورها على أكمل وجه لصالح المواطن والتنمية الحقيقة في البلديات، أو (تهان) بعدم رضا المواطن إذا ما أخلف بعض الأعضاء وعودهم، وهذا ما لا نقبله منهم، حتى لو ارتضوه لأنفسهم بعد الفوز. نريد مرشحين ومرشحات يبحثون عن الصالح العام وينحازون للمواطن لا للأمانات والبلديات، ويحرصون على دورهم، لا عن وجاهة جديدة بمقاعد المجلس أو مكاسب اجتماعية إضافية على وجاهتهم. الانتخابات ليست غاية بحد ذاتها، وإنما وسيلة لتحقيق قنوات وآليات مراقبة وتعاون للنهوض بقطاع البلديات وهو قطاع واسع وشديد الارتباط بأمور المواطن في مجالات كثيرة والتيسير عليه بدفع تطوير الخدمات والمشاريع وصحة البيئة والمجتمع؛ لذا نأمل أن تكون الدورة القادمة أكثر فاعلية تجاه ذلك. نريد مجالس تعرف طريقها للمواطنين في احتياجاتهم العامة من مشروعات وخدمات، وهذا يتطلب من الأعضاء القادمين التواصل مع المجتمع ورصد احتياجاته وتحقيق مصالحه العامة التي تريح حياته، ومن أجلها منح صوته لهم. فالثقة ميدانها المصداقية، والإنجاز لا الوعود والكلمات الرنانة، ومسؤولية المجالس القادمة أمانة وواجب عظيم، وإنجاح كل ذلك يتوقف على وعي الناخبين وتجرد المرشحين ومصداقية الفائزين.. فهل نبذلها؟.