شخص علماء ومفتون شاركوا في المؤتمر العالمي للأفتاء بالقاهرة، الذي اختتم مؤخرا، أزمة الفتوى بأنها ناتجة عن تصدر غير المختصين للفتوى في الفضائيات. وشددوا في تصريحاتهم ل«عكاظ» على أنه لا بد من التخصص والتأهيل، باعتبار الفتوى أمرا هاما يترتب عليه حياة بشر وتحديد مستقبل معيشتهم. ودعا الدكتور صالح بن حميد، إمام وخطيب المسجد الحرام، إلى أهمية التنسيق والتعاون التام بين المجامع الفقهية والمراكز الإسلامية ودور الإفتاء على مستوى العالم لمواجهة استغلال المتطرفين للفتوى وإصدار الفتاوى الدينية التي تبيح العنف والقتل والذبح بما يخالف أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية السمحة. وأكد ابن حميد أن مؤتمر الإفتاء جاء في وقت بالغ الأهمية، حيث تعاني الأمة الإسلامية من التطرف الفكري الناتج عن تشوهات الفتاوى التي يصدرها غير المتخصصين، ولا شك أن العالم الإسلامي وأبناءه حريصون على تفعيل دين الله تعالى وفق إرادة المولى سبحانه وتعالى. وأكد الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، في تصريحات خاصة ل«عكاظ» على هامش المؤتمر أن «الفتوى الشرعية أفضل وسائل القضاء على العنف والتطرف والإرهاب الذي نتابعه عبر جماعات ترتدي ملابس الإسلام، وهو منها براء»، مبينا أن الإسلام والسلام وجهان لعملة واحدة، حيث أمر الله المكلفين بخطابه أن ينفروا إلى بيان حقيقة التشريع الإلهي دون تشدد أو تساهل حتى لا يكون المفتي كاذبا على الله تعالى، وليعلم المتجرئون على الفتوى أنهم يتجرأون على النار، فقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يجمع للفتوى في المسألة الواحدة أهل بدر. وطالب واصل المجامع الفقهية على مستوى العالم بضرورة التنسيق التام فيما بينها وبين دور الإفتاء على مستوى العالم لمواجهة أفكار المتطرفين والارهابيين والعمل على تفكيكها وتفنيدها، مؤكدا أن الإسلام دين الرحمة للعالم أجمع، وأن ما يلصق بالتشريع الإسلامي من أكاذيب لا تعكس حقيقة الإسلام الذي أعلى من قيمة الدماء والحقوق. وأكد مفتي مصر الأسبق أن أسباب أزمة الفتوى ترجع إلى تصدر غير المختصين في الفضائيات، وانصراف بعض الناس عن علماء الدين الراسخين في العلم بسبب ظن البعض أنهم علماء السلطة، الأمر الذي سبب الخلط في المفاهيم عند الناس بين الفقيه والداعية والمفتي. كما طالب مفتي مصر الأسبق بإصدار تشريع قانوني يقضي بتجريم التصدي للفتوى دون أن يكون متخصصا، داعيا إلى تجنب الاعتماد في طلب الفتوى على دعاة الفضائيات وشرائط الكاسيت، أو سماع درس ديني، أو أخذ الفتوى من شخص غير متخصص في العلوم الدينية والشرعية، وليعلم المتجرئون على الفتوى أنهم يوقعون عن رب العالمين. وأوضح الدكتور عبد الحي عزب رئيس جامعة الأزهر أن الإفتاء في الدين والدنيا من سمات الشرع الحكيم، ويمثل بيانا للناس يقوم عليه الأمين منهم المدرك لمنهجية الوسطية والاعتدال، لافتا إلى أن الوسطية الفكرية تستلزم أن يكون المفتي الناطق الرسمي عن الشرع الحكيم، والمفتون هم نجوم السماء، وحاجة الناس إليهم أشد من حاجتهم للطعام والشراب. وأضاف رئيس جامعة الأزهر أنه يجب إحاطة منصب الإفتاء بضمانات وضوابط تسهم في تحقيق الوسطية بعيدا عن الادعاء بما يساعد على تأمين الفتوى من الأدعياء والدخول فيها دون علم، إضافة إلى ضرورة التنسيق التام بين المجامع والمراكز الفقهية ودور الإفتاء لمواجهة التطرف والإرهاب والرد على أفكار الإرهابيين وتفكيكها. وطالب الشيخ عبداللطيف دريان مفتي لبنان بضرورة التنسيق بين المجامع والمراكز الفقهية ودور الإفتاء لمواجهة التطرف والإرهاب ومواجهة التحديات والمخاطر التي تعاني منها المنطقة، مشيرا إلى أن هناك صفات يجب توافرها في المفتي أبرزها التمهل وعدم التسرع أو التشدد، والتمسك بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم دون إفراط ولا تفريط، فالوسطية حق بين باطلين، واعتدال بين تطرفين.