عندما يبلغني أن أحد قائدي المركبات مطالب بعشرين أو ثلاثين ألف ريال سجلت ضده لارتكابه مخالفات مرورية مثل السرعة الزائدة عن الحد المقرر للطرق أو قطع إشارة أو عكس السير، فإني أدرك أن المليح قد ارتكب كل هذه المخالفات أو بعضها لعشرات المرات ثم لم يسدد أي غرامة منها حتى تراكمت عليه لتبلغ عشرات الآلاف منتظرا أن يسددها غيره من أب أو أسرة أو جماعة أو يمد يديه طلبا للمساعدة بحجة أنه فقير يتيم، وقد يجد من يساعده أو لا يجد فتظل الغرامات على ظهره وربما يستمر في مخالفاته على طريقة «زي ما تطلع تطلع!»، فإن سدد ذات يوم وبأي طريقة انتهى الأمر مؤقتا، واستأنف المليح مخالفاته التي قد تنتهي إحداها بإزهاق أرواح أو قتله لنفسه أو بإصابات بالغة أو على الأقل بتدمير جائر للمركبة التي يقودها والمركبة أو المركبات التي يصطدم بها وهو يمارس مخالفاته المرورية المحببة إلى نفسه، فيبدو الأمر وكأن الهدف من الغرامات مجرد تحصيلها من المخالفين ولا شيء غير ذلك! ولأن بعض المخالفين للأنظمة لا تردعهم المخالفات لاسيما إن لم يغرموها شخصيا أو أن لديهم القدرة الكافية على دفعها من جيوبهم وكأنها «هلل» وليست عشرات الآلاف من الريالات، ولأن هذه الفئة الظالمة لنفسها ولغيرها موجودة في كل مكان، فقد سنت العديد من الدول المتحضرة أنظمة متدرجة في العقوبة تبدأ بالغرامات المالية ولكنها تتطور إلى سحب رخصة القيادة لمدة معينة ثم سحبها نهائيا في حالة الإصرار على تجاوز الأنظمة المرورية وتعريض حياة الناس للخطر وممتلكاتهم للتدمير وسعت تلك الدول إلى تطبيق الجزاءات المتدرجة بلا هوادة ومن دون أي استثناء لكبير أو صغير فنجحت في الحد من الاستهتار بالنظام المروري وأصبحت بذلك مضرب الأمثال وقلدتها دول نامية ومنها دول عربية مثل الإمارات وعمان فأصبحت هي الأخرى محل ثناء وتقدير ومن يزورها ويرى فيها مثالا جيدا لتطبيق النظام المروري. وأذكر أن الفريق أسعد عبدالكريم المدير السابق للأمن العام قد طرح مشروع نظام للنقاط يتم احتسابها على المخالفين فإن بلغت أقصاها منع من قيادة المركبات لفترة مؤقتة ثم يكون المنع والحرمان التام ولكن المشروع لم ير النور حتى لحظة كتابة هذه السطور يا عبدالصبور !!