في كل عام تعمد الأندية الممتازة في الدوري السعودي أو ما يسمى بأندية دوري عبداللطيف للمحترفين إلى تغيير أجهزتها الفنية مع بداية كل موسم رياضي حتى باتت هذه الظاهرة (موضة) وعادة سنوية، ولكن في هذا العام اختلف الوضع عن السنوات الماضية، حيث فضلت 9 أندية الاحتفاظ بمدربيها في سابقة تعتبر غريبة نوعا ما، حيث أبقت أندية الهلال والنصر والأهلي والتعاون والفتح وهجر والخليج والقادسية والوحدة على مدربيها، فيما فضلت باقي الأندية الشباب والاتحاد ونجران والرائد والفيصلي التغيير بأجهزة فنية جديدة، حيث جلب الرائد الجزائري عبدالقادر عمراني، وجلب الاتحاد الروماني لازلو بولوني، وتعاقد الشباب مع الأورجواني ألفارو جوتيز، وتعاقد نجران مع الخبير في الدوري السعودي التونسي فتحي الجبال، وأبرم النادي الفيصلي عقدا مع المدرب الروماني ليفيو كيوبتاري. وقد ذهب النقاد والمحللون للإشادة بهذه الخطوة التي تقود إلى الاستقرار الفني الذي بطبيعة الحال يعود بالنفع على الفريق، فيما ذهب البعض الآخر إلى سرد أسباب تتعلق بالثقافة التي اكتسبها مسؤولو الأندية السعودية من التجارب السابقة والتخبط السابق الذي كلف الخزائن الكثير من الأموال وكبد الأندية ديونا، حيث إن بعضها يذهب للتعاقد مع ثلاثة وأربعة مدربين في الموسم الرياضي الحالي.. ويبقى السؤال المهم لماذا تظل الأندية السعودية (صالة قدوم ومغادرة) للمدربين بمختلف جنسياتهم، وهل الإبقاء على المدرب لعدة سنوات مفيد خاصة من الناحية الفنية.. دعونا نرى الإجابة على أفواه النقاد والمختصين والمهتمين وأصحاب العلاقة. أبو رجيلة: تختلف الأسباب المدرب المصري الشهير محمود أبو رجيلة يقول: «تختلف الأسباب لإبقاء أو إقالة المدرب أحيانا يكون إبعاد المدرب بسبب سوء النتائج، وبالتالي يحدث ضغط جماهيري وتتم التضحية بالمدرب (كبش فداء) ويتم إبعاده والتعاقد مع مدرب جديد لإرضاء المدرج المحتقن، أحيانا تكون المادة عائقا أمام التعاقد مع مدرب جديد فيتم التجديد للمدرب ولكن في السعودية اختلفت ثقافة تغيير المدربين فلم يعد الوضع كالسابق، فقد أصبح لدى المسؤولين خبرة كبيرة في هذا الجانب بطبيعة اللاعب السعودي وهذه حصلت معي عندما كنت أدرب في المملكة، فاللاعب لايريد المدرب (الحازم) وقد يكون الوضع مختلفا الآن بعد نظام الاحتراف الذي جاء بعد الهواية، فثبات الجهاز الفني مهم جداً لأي فريق إذا ما أراد تحقيق البطولات والنتائج الأفضل». الخالد: الاختيار يحدد المدرب الوطني عبدالعزيز الخالد قال من جانبه: «بالتأكيد استمرار المدرب والجهاز الفني شيء إيجابي ومهم ويعطي أفضلية في الاستقرار الفني للفريق طبعا بعد تقييم العمل برؤية فنية وليس باجتهادات إدارية، بمعنى بعد دراسة شاملة وتقييم للأداء طوال الموسم وبالإمكان الاستئناس برأي لاعبي الخبرة، وعندما تجدد 9 أندية في دوري عبداللطيف جميل التعاقد مع مدربيها فهذا مؤشر رائع لاكتساب الأندية خبرة أكبر والاستفادة من التجارب السابقة التي تعتمد على (مدرب رايح ومدرب جاي)». الشوشان: الاستقرار أهم ويرى فيصل الشوشان (ناقد رياضي) بأن لا أحد يستطيع أن يعطي إجابة مطلقة على هذا السؤال، مضيفا «ظروف الفرق تختلف بناء على النتائج، والمستوى العام، والتخطيط لكل ناد، بعض الفرق بحاجة للاستقرار، ولذلك من الأفضل أن تبقي على مدربيها، وأعني بذلك الاستقرار الفني والانضباطي والتكتيكي وكذلك الاستقرار المالي، والبعض الآخر بحاجة لتغيير مستمر مع كل موسم.. وشخصيا أعتقد أن من ينجح في بناء الاستقرار والمحافظة عليه سوف يحقق نتائج إيجابية لذلك أنصح بهذا الاستقرار». الجوكم: تعميم تجربة الجبال الناقد الرياضي ورئيس القسم الرياضي بصحيفة اليوم عيسي الجوكم يؤكد من جانبه بأن الأمر الطبيعي هو الاستقرار لأنه مهم واستعجال النتائج يدخل الفرق في دوامة تغيير المدربين، ويضيف «الاحتفاظ بالمدرب تجربة نادرة ولكن مثال الفتح والجبال الذي أشرف على تدريب الفريق الفتحاوي 6 سنوات تقريبا فقد أثمر هذا الاستقرار عن تحقيق الدوري ولعله كما قلت مثالا حيا على نجاح هذه التجربة». وتابع «الواقع أن أنديتنا تغير في السنة أكثر من مدرب فما بالك بالاحتفاظ بالمدرب لعدة سنوات، فالمشكلة لدينا أن المدرب دائما ما يكون كبش فداء ويحمل أخطاء إدارية، وتهاون وتخاذل واستهار لاعبين وهنا تكمن مشكلتنا». المشيطي: المدرب كبش فداء الناقد الرياضي خالد المشيطي يقول: «نعم بالتأكيد الاستقرار مطلوب فاستقرار الفرد في مكانته الوظيفية تكسبه مع الوقت معرفة المحيط حوله، وبالتالي يكون باستطاعته توظيف العناصر في المكان الصحيح والمدرب هو أحد هؤلاء.. الجميع يعلم أن المشكلة الكبرى في كرة القدم هي تغيير المدربين ولا يخفى أن التغيير ليس سببه ضعف المدرب بالضرورة إنما في الواقع هو كبش الفداء الذي يقطع رأسه في حالة عدم رضا الجمهور عن نتائج الفريق». الحربي: الرؤية تحدد القرار لاعب نادي النجمة ونادي الهلال والرائد والتعاون سابقا أحمد الحربي قال: «يعتمد قرار الإبقاء على المدرب على هل اعتمد على رؤية مشتركة أو علاقة شخصية أو لمجرد الاستقرار.. هناك أمور عدة يجب تناولها في هذا الجانب حيث تختلف الظروف من موقف إلى آخر، لذلك الحكم المطلق صعب». المعاوي: الاستئناس بأصحاب الخبرة سياف المعاوي عضو الاتحاد السعودي لكرة القدم يؤيد من جانبه بقاء واستمرار المدربين في حال امتلاك المدرب إمكانات تدريبية جيدة بغض النظر عن النتائج. كلما طال تواجد المدرب مع الفريق زاد تجانس اللاعبين معه وتفهمهم لخططه حتى يزيد من ولاء المدرب ومحبته للفريق. وهذا بالطبع يعتمد أولا وأخيرا على إمكانات المدرب وفكره وطريقة تعامله مع المباريات وتغيير خططه وفقا لكل فريق أو ظروف المباريات، وهناك أكثر من أمثلة على صعيد المنتخبات، فالمنتخب الألماني يمكن أن تعد على الأصابع المدربين الذين تسلموا مهمة الجهاز الفني فيه وهو ما انعكس بشكل إيجابي على المنتخب، أما محليا فالإنجاز الذي حققه مدرب الفتح فتحي الجبال بتحقيق لقب الدوري لأول مرة لفريقه أكبر دليل على ضرورة استمرار المدرب والصبر على النتائج وعدم التأثر بالجماهير والإعلام، ويضيف «في الجانب الآخر ينعكس استمرار المدرب الأقل إمكانات بشكل سلبي على الفريق ويأتي هنا دور اللاعبين أصحاب الخبرة للاستنارة برأيهم». الجماهير: الأسباب كثيرة وترى الكثير من الجماهير التي استطلعنا رأيها بأن الأسباب تتعدد لكثرة تغيير المدربين لكرة القدم خاصة في الدول العربية وفي المملكة تحديدا، ولعل أهم الأسباب في رأيهم العشوائية في اختيار المدرب، والسبب الثاني وجود فوضي في النادي إما مالية أو إدارية أو مشاكل عامة، والسبب الثالث وضع المدرب شماعة لأخطاء إدارية أو قصور في أداء الواجبات، وبالتالي إذا خسر الفريق وتدهورت النتائج أصبح المدرب ضحية في بعض الأحيان، خاصة في الأندية التي يعتمد فيها على دعم أعضاء الشرف والذي يشمل التعاقدات مع مدربين ولاعبين إذا يريدونه أن ينفذ ما هم يريدون كإشراك اللاعب الذي تم استقطابه عن طريق الداعم وحتى وإن كان مستواه الفني دون الطموح والمستوى المأمول.