الأمر الملكي القاضي بتكليف الهيئة الملكية للجبيل وينبع بإدارة وتشغيل مدينة جازان الاقتصادية يحمل أبعادا ودلالات كثيرة وله انعكاسات ومؤشرات على أكثر من صعيد. في قراءة سريعة للخبر المقتضب يتضح جليا أن خدمات الهيئة لم تعد تقتصر على الجبيل وينبع كما جاء في نظامها الأساسي الصادر عام 1395 بموجب الأمر السامي رقم م/75 بعد أن أصبحت تشرف على إدارة وتشغيل مدينة جازان الاقتصادية وقبلها رأس الخير، وبذلك يبدو بأن المسمى لم يعد مطابقا للواقع وهو ما يتطلب إعادة إنتاج الهيئة من حيث نظامها ودورها ومسماها بعد 40 عاما من التأسيس تغيرت خلالها أشياء كثيرة ينبغي معها أن تتحدد ملامح النسخة المطورة من الهيئة وفق رؤى ومتغيرات جديدة تأخذ بعين الاعتبار الخبرات والتجارب السابقة وأن لا ينحصر دور الهيئة بالجانب الجغرافي فقط وإنما بالجانب النوعي (البتروكيمياوي والتحويلي والتكريري والتعديني إلخ) أينما وجد وذلك وفقا للمتطلبات الاستراتيجية للصناعات الأساسية للبلد، وأن لا يتم حصرها في محيط واحد فقط بأي حال من الأحوال لأن ذلك يفترض أن يتحدد وفق المتغيرات الاقتصادية الجديدة والمقاربة مع الواقع في السوق الصناعية الوطنية وحاجة البلد لهذه الصناعات الثقيلة أينما وجدت وذلك وفقا للمزايا النسبية التي يحددها الموقع والحاجة أكثر من التسمية الجغرافية المسبقة. البعد الثاني أن هذا الأمر يشكل للأسف فشلا للهيئة العامة للاستثمار وهيئة المدن الاقتصادية لعدم نجاحهما في توفير بدائل استثمارية للتشغيل والإدارة من القطاع الخاص، وبالتالي سقوط البعد الذي قامت عليه فكرة المدن الاقتصادية .. فساعة يتم استدعاء أرامكو وساعة الهيئة الملكية.. وهكذا. البعد الثالث هو مصير بقية هذه السلسلة من المدن الاقتصادية التي صدرت الموافقة عليها ولم يتم إقامتها حتى هذه اللحظة وما هو مصيرها مستقبلا بعد أن توقفت الهيئة عن «الكلام المباح». البعد الرابع مدى إمكانية إناطة بقية المدن الصناعية القائمة على الصناعات الأساسية والاستراتيجية بالهيئة الملكية كمدينة وعد الشمال مثلا لتكون كامل هذه المدن تحت إطار تشغيلي واحد ولتبقى «معادن» وبقية الشركات المتضامنة معها مستثمرا فيما تقوم الهيئة بالتشغيل والإدارة أيضا. [email protected]