نقلت لنا الكثير من الصور أنه حين ترك الناس في أيام العيد أماكنهم في المتنزهات والأسواق والاستراحات الخاصة تركوا صورا عديدة من (قلة الذوق) وسوء التصرفات. نفايات متراكمة وتشويه لكل ما هو جميل ومكلف، حتى أن بعض الجدران الآمنة لم تسلم من هذا التشويه الذي لا أجد له تفسيرا سوى أن التربية الأسرية غائبة تماما وأن ثقافة الإساءة لحق الآخر سائدة وبقوة. لدينا حالة من التعامل البشع مع الحق العام وحقوق الآخرين إلى درجة أنك قد تسمع من أم أو أب، أو كبير أو صغير، أن الحلال حلال الحكومة، أو أن المكان ليس (بيتنا). وبالتالي يجوز أن نفعل به ما نشاء وأن نتركه مشوها خربا بغض النظر عن الآخر الذي سيستخدمه (بعدنا). أي أن بعض الناس، إن لم أقل أغلبهم، تحكمهم قاعدة (حقنا وحقهم) وتتسيد تصرفاتهم أنانية مفرطة فيما يخصهم وما يخص غيرهم، فإن كان الأمر متعلقا بهم اعتنوا به وأعطوه جل عنايتهم ونظافتهم، وإن كان متعلقا بغيرهم بهذلوه ومحضوه كل استهتارهم وقذارتهم .!!. وهي حالة مشهودة في كل تصرف نراه أونتعامل معه مضطرين. ومن أشد وأفظع أدلة هذه الحالة السلوك المروري الذي لا يماثلنا فيه أحد في هذا العالم، إذ يعتدي السائقون، في شوارعنا وطرقنا، على حقوق بعضهم عيني عينك دون أن يرف للمعتدي جفن. بل إن بعض السائقين يخطئ على حقك في الطريق وإذا اعترضت شتمك وأبدى استعدادا واضحا لتهشيم رأسك. حدث ذات مرة أن قابلني سائق مسن في اتجاه معاكس لأحد المخارج. وحين اعترضت اكتشفت أن لديه قاموسا هائلا من سوء الخلق وقذارة الألفاظ التي وصلت إلى أمي وأبي وكل قبيلتي .!!. ولا أظن أن أحدا منكم مر به أسبوع دون أن يجد من هؤلاء السائقين قليلي الذوق ما ساءه من فعل أو قول أو إشارة من تلك الإشارات البذيئة. وهذا يعني أن لدينا أزمة أخلاق عامة وأن الكبار أسوأ من الصغار الذين يكبرون على رؤية الأب أو الأم أو الأخت أو الأخ الكبير وهم يتصرفون بشكل سيء في تعاملهم مع حقوق الآخرين والملكيات العامة والخاصة. وبالتالي لن يستزرع هؤلاء الصغار أخلاقا أو ذوقا خاصا يتمايزون به عن كبارهم. وستجد الآن أغلب شبابنا ومراهقينا بدون أخلاق جيدة أو تعامل مسؤول مع محيطهم الاجتماعي. وهم لذلك غير مرغوب بهم في كل مكان، داخلي أو خارجي .. للأسف.