عقب إعلان وزارة الداخلية، أمس الأول، القبض على خلايا عنقودية مرتبطة بتنظيم «داعش» الإرهابي، تهدف لإثارة الفتنة الطائفية وإشاعة الفوضى، وقبض على 431 شخصا تبنوا الفكر المتطرف، وتكفير المجتمع، واستباحة الدماء، وتنفيذ مخططات وأهداف تملى عليهم من الخارج، أكد عدد من المتخصصين أن ما يزعمه الإرهابيون ممن يتحدثون باسم الإسلام والمسلمين من مسوغات دينية لا علاقة لها برسالة الإسلام التي تقوم على الوسطية والعدل والإحسان والرحمة بالناس، وتؤكد نصوصه الجلية على احترام حقوق الإنسان، ورعاية الكرامة الإنسانية، وصون حرمة النفوس والأعراض والأموال والممتلكات، موضحين أن التصدي للأفكار المنحرفة وثقافة الغلو والانحراف والإرهاب مسؤولية جماعية لإيجاد الأمن والسلامة. ويؤكد الدكتور صالح بن غانم السدلان، أستاذ الفقه في قسم الدراسات العليا في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أن المعالجات التأصيلية لقضايا المنهج القويم في الاعتقاد والفكر والفقه والآداب والسلوك لم تعد نوافل الجهود أو هوامش الاهتمامات، بل أضحت مطلبا ضروريا ملحا، وحاجة مصيرية لأزمة التوجيه المسيرة وتقويم الانحراف عن النهج المستقيم. ولتحقيق التحصين الثقافي ضد هذا الفكر، وطالب الدكتور السدلان بوجوب الاهتمام ببناء الفرد المسلم على أسس عقدية إيمانية، ونشر الوعي الديني والثقافة الشرعي، مطالبا العلماء ببذل الجهد لترشيد مسيرة المسلم بتحصينه بالفكر الإسلامي الصحيح وحمايته من الأفكار الهدامة وتأصيل معاني الخير في نفسه ليكون عنصرا بناء لا تخريب ولا تدمير ولا غلو. أما الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز المصلح، الأمين العام للهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، أن الإسلام هو دين الاعتدال والوسطية (وكذلك جعلناكم امة وسطا)، وشعاره الرحمة (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، وهو دين يسر (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)، مشيرا إلى أن هذه النصوص وغيرها في كتاب الله وأحاديث المصطفى صلى لله عليه وسلم تدل على الاعتدال والوسطية، ولا بد من المسلمين أن يتمسكوا ويعملوا بها لأن الدين الإسلامي دين الوسطية دين الرحمة دين الاعتدال. من جانبه، أوضح الدكتور عبدالله عويقل السلمي، رئيس نادي جدة الأدبي، أن المجتمع السعودي يمتاز بلحمة وطنية متميزة، لذلك على جميع مؤسسات المجتمع وشرائحه المتعددة أن تتكاتف من أجل أمن الوطن وأمن أبنائه الذين هم عماد نهضته، مضيفا «عندما تتحقق هذه الرؤية المستقبلية في ظل هذه الظروف التي تحيط بالعالمين العرب والإسلامي سنشهد مجتمعا أكثر تماسكا في هذا العصر وستختفي في ظله كل محاولات الفرقة والتصنيفات الفكرية التي يراد من خلالها إحداث شرخ في لحمة ها الوطن». وأضاف السلمي: «معالجة الاختلالات الفكرية تحتاج إلى وقفة جادة من كافة فئات المجتمع سواء كان المعني بذلك الأسرة أو المدرسة أو المجتمع، ولعل ما نشاهد من أعمال جبارة في مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة يقوم بدور كبير في تحقيق ذلك الهدف ولكن بالتأكيد يحتاج لدعم المجتمع من خلال طرد هذه الأفكار الشريرة ومحاربتها أينما وجدت». ويبين الدكتور حسن محمد سفر (أستاذ السياسة الشرعية والأنظمة المقارنة بجامعة الملك عبدالعزيز عضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي)، أن مبادئ وقواعد الدين الإسلامي سواء للمجتمع أو العالم قائمة على قوله سبحانه وتعالى: (وجعلناكم أمة وسطا)، وعلى قوله تعالى: (وقولوا للناس حسنا)، فالواجب على العلماء وخصوصا علماء الشريعة السير على منهج النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع الرعية والمسلمين الذين رباهم على منهج الوسطية وفي هذا تآزر بين القيادة وعلماء الدين في توجيه المجتمع وإيصال الرسالة النبوية في حسن التعامل البعيدة عن الغلو والتطرف والتشدد، بل تكون انفتاحا ووصولا إلى تلاحم المجتمع. وأشار الباحث الأكاديمي في الانحراف الفكري وعضو لجنة إصلاح ذات البين في إمارة منطقة مكةالمكرمة الدكتور عبدالمحسن السلمي، إلى أن التناغم والتكامل بين المؤسسات الشرعية وولاة الأمر يساهم في بناء دولة قوية ويحصن المجتمع من خلال الخطاب الوسطي والمعتدل مع إدراك المتغيرات والتطورات الحادثة في العالم. واستطرد: المؤسسات الشرعية هي الحصن الأول لأن الخلل الفكري لدينا في المسائل الشرعية وأول من يواجهها علماء الشرع، وقد أدوا دورا هاما خلال الفترات الماضية في مواجهة هذا الانحراف والرد عليه وإيضاح حقيقة الانحرافات الفكرية ومعالجتها بوسائل وطرق علمية حديثة تجمع بين الأصالة والمعاصرة، بدعم مباشر من ولاة الأمر وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف مهندس لجان المناصحة في المملكة ومؤسسها، والذي نجح في نقل المواجهة مع الإرهابيين من سفك للدماء إلى مقارعة الفكر بالفكر ساهمت في زعزعة الفكر المنحرف وتراجع الكثير عن أفكارهم في نموذج جميل للجان المناصحة والتي نالت إشادة واسعة على مستوى العالم.