جاءت الشريعة الإسلامية ومقاصدها لتحفظ للأمة الإسلامية دينها وأمنها ووحدتها، وجاء الأمر الملكي أمس بالسجن لكل من يشارك في أعمال قتالية خارج المملكة أو الانتماء لتيارات أو جماعات دينية وفكرية متطرفة. ورأى عدد من العلماء والمفكرين، أن التصدي للإرهاب وزعزعة الأمن من المسؤوليات الجماعية، مؤكدين أن "الأمن الفكري" يحفظ للشباب عقولهم من المؤثرات الفكرية المنحرفة، ويحمي المجتمع من الانحرافات السلوكية والخلقية، ويؤمن العبث بمقدرات الوطن والأمة. وأوضحوا أن صدور الأمر الملكي الكريم بالسجن لكل من يشارك في أعمال قتالية أو ينتمي إلى جماعات متطرفة يعد واحدا من أبزر الأسباب ل"سد الذرائع"، وجاء في الوقت المناسب. وأوضحوا أن من أسباب الغلو والتطرف ضعف البصيرة بحقيقة الدين الإسلامي، وضعف البصيرة بالواقع والحياة وسنن الكون، مشيرين إلى أن الإسلام كفل الأمن والأمان للمجتمع، مبينين أن المعالجات التأصيلية لقضايا المنهج القويم في الاعتقاد والفكر لم تعد نوافل بل مطلبا ملحا وحاجة مصيرية لتقويم الانحراف. من جانبه، أكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي، أن الخلل في فهم بعض النصوص الشرعية ومقاصدها مثل: الجهاد والولاء والبراء والأخذ بالفتاوى الشاذة المضللة من أهم أسباب ظهور فئات غالية في الدين عمدت إلى تفريق الأمة في دينها، مبينا أن أهمية إظهار رسالة الإسلام التي هي أمن وسلام وتواصل وتعاون بين الناس على البر والتقوى وبعد عن الظلم والعدوان، وإبراز أن رسالة الإسلام توجب العدل بين الناس والإحسان إليهم وتمنع البغي عنهم، وتعريف الأجيال المسلمة بمبادئ اليسر والتسامح في الإسلام، وتحذيرهم من خطر الانحراف عنها. أما رئيس نادي جدة الأدبي الدكتور عبدالله بن عويقل السلمي، فأوضح أن المجتمع السعودي يمتاز بلحمة وطنية متميزة، لذلك على جميع مؤسسات المجتمع وشرائحه المتعددة إن تتكاتف من أجل أمن الوطن وأبنائه الذين هم عماد نهضته، مبينا "عندما تتحقق هذه الرؤية المستقبلية في ظل هذه الظروف التي تحيط بالعالمين العربي والإسلامي سنشهد مجتمعا أكثر تماسكا في هذا العصر وستختفي في ظله كل محاولات الفرقة والتصنيفات الفكرية التي يراد من خلالها إحداث شرخ في لحمة هذا الوطن". ويؤكد أستاذ الفقه في قسم الدراسات العليا في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور صالح بن غانم السدلان، أن المعالجات التأصيلية لقضايا المنهج القويم في الاعتقاد والفكر والفقه والآداب والسلوك لم تعد نوافل الجهود أو هوامش الاهتمامات، بل أضحت مطلبا ضروريا ملحا، وحاجة مصيرية لازمة لتوجيه المسيرة وتقويم الانحراف عن النهج المستقيم، مطالبا العلماء ببذل الجهد لترشيد مسيرة المسلم بتحصينه بالفكر الإسلامي الصحيح وحمايته من الأفكار الهدامة وتأصيل معاني الخير في نفسه ليكون عنصرا بناء لا تخريب ولا تدمير ولا غلو. أما الأمين العام للهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز المصلح، فأوضح أن الإسلام هو دين الاعتدال والوسطية، الذي قال الله تعالى فيه: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا)، وأن شعار هذا الدين هو الرحمة (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، ويقول تعالى: (يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)، مشيرا إلى أن هذه النصوص وغيرها في كتاب الله وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم تدل على الاعتدال والوسطية، ولا بد من المسلمين أن يتمسكوا ويعملوا بها لأن الدين الإسلامي دين الوسطية ودين الرحمة ودين الاعتدال.