طالب الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي بضرورة تأهيل الدعاة والاهتمام بهذا الجانب بشكل كبير، لافتا إلى أن تأهيل الدعاة لدينا في المملكة وكثير من الدول مع الأسف يحتاج إلى مراجعة بمعنى ضرورة أن يكون الداعية أو طالب العلم الذي يتحدث مع الناس لدعوتهم أو التعريف بالإسلام على معرفة بأوضاعهم النفسية والاجتماعية بالتاريخ الذي مروا به ومرت به بلادهم. وحذر في الجزء الأول من حواره مع «عكاظ» من الدعوات التي يطلقها أعداء الدين إلى الإسلام البديل والتشجيع عليه، مشددا على ضرورة التركيز على مواجهة التحديات الخارجية وبخاصة العولمة التي تريد ان تؤثر على المسلمين وعلاقتهم مع بعضهم البعض.. فإلى التفاصيل: كيف يمكن استثمار شهر رمضان في تحقيق الوحدة والتضامن بين المسلمين خصوصا في ظل هذه الأوضاع التي عصفت بهم من كل مكان؟ الشيء المعروف ان العبادات في الاسلام كلها لها غايات واهداف ولها ثمرات ونتائج بلا شك، بما في ذلك الصوم، قال تعالى: (يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)، فالاصل ان تكون هذه العبادة أداة للاستقامة والهداية وأن يحرص الانسان ان يكون متابعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يكون في حياته على المنهاج الصحيح. الصيام ركن من اركان الاسلام وهناك احكام شرعية في كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وما استنبطه العلماء والفقهاء من هذه النصوص الشرعية، والاصل ان تكون لدى المسلم قبل ان يؤدي هذه الاحكام معرفة بالأحكام الشرعية حتى تكون لديه الروية الصحيحة لهذا الامر، فلو اخذنا الحج مثلا نجد أن نسبة كبيرة من المسلمين للأسف يأتون الى الحج وليس لديهم رؤية صحيحة عنه لا من حيث الاحكام الشرعية ولا النتائج التي تتحقق من هذه العبادة، فقد يكون الانسان يأتي ولا يستفيد الفائدة المرجوة. نحن في الرابطة نسعى لإيجاد وسيلة من الوسائل تثقف الحجاج الذين هم في حاجة الى تثقيف قبل ان يأتوا للحج وأن يعلموا أن الحج ركن من اركان الاسلام وعبادة من العبادات وأن يبتعد الانسان فيه عن الاغراض السياسية والطائفية والمشكلات ويحترم الانظمة ويتعاون مع المسؤولين المهتمين بتيسير امور الحج، وكذلك الصيام فالاصل فيه ان الانسان يتصور انه يؤدي ركنا من أركان الاسلام وهو عبادة والاصل في العبادات انها توقيفية بمعنى ان المسلم يبنغي ان يتقيد بما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام في أدائهم لهذا الركن او الشعيرة وهذه مزية من مزايا هذه الامة الاسلامية فالقرآن نزل في هذا الشهر الكريم فيه ليلة القدر خير من الف شهر، ومن صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر الله له ماتقدم من ذنبه ومن قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه. هناك ذكريات في فتح مكة وكثير من المعارك التي انتصر فيها المسلمون في هذا الشهر المبارك فينبغي للمسلمين ان يستذكروا ما كان عليه السلف الصالح حينما يؤدون هذه الشعيرة وهذا الركن، كيف كان احدهم يحرص كل الحرص على الابتعاد عن المحرمات وعلى استغلال الوقت في قراءة القرآن وعبادة الله وتقديم الخير والعون للمحتاجين والانفاق في سبيل الله وهو وقت تضاعف فيه الاجور. وبالتالي، يحرص المسلمون عليه وكانوا يعدون العدة لهذا الشهر مبكرا. نحن الآن في هذا الوقت للأسف نجد ان اثار العبادات على المسلمين ضعيفة لأن كثيرا من المسلمين تأثر بالحياة المادية التي يعيشها العالم الآخر وخاصة في العالم الغربي وكأن السعادة ان يكسب الانسان المال والشهرة والمنصب، لا البحث عما يرضي الله. ومن هنا نحن نطالب دائما ونصدر بيانات ونطالب المؤسسات الإسلامية ان تذكر المسلمين بهذا الشهر العظيم طبعا مسؤولية الامام والخطيب كبيرة، لأن المسلمين يلتقون في المساجد وحتى مسألة القيام وما يتعلق بها ينبغي ان يصاحبها تعريف بالاحكام الشرعية وكيف يستغل بشكل صحيح، وأن المسألة ليست مجرد أمور شكلية ان يؤدي الانسان التراويح ثم يذهب رمضان وحالته لم تتغير. هذه قضية في غاية الاهمية، ورابطة العالم الاسلامي لديها برنامج عبر الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم وعبر الرابطة مباشرة في كل سنة ترسل الآلاف من الأئمة لبلاد الاقليات الاسلامية وحتى بعض المجتمعات الاسلامية التي تحتاج ذلك ترسل إليهم أئمة يبقون لديهم طيلة شهر رمضان للتدريس والتذكير بأهمية رمضان والاجابة على استفساراتهم التي يوجهونها لطلبة العلم الذين يذهبون لهذه البلاد فالشهر مناسبة عظيمة وفيه عبادات عظيمة يجب على المسلمين الاستفادة منها ومراجعة أنفسهم ولا شك أن من أبرز أسباب الفتن والازمات في الامة الاسلامية ابتعاد الناس عن المنهج الصحيح في تطبيق الشريعة الاسلامية والتقيد بها. التكاتف والتواصل وكيف يمكن استثمار هذا الشهر في التكاتف والتواصل مع المسلمين في كافة البلاد وخصوصا أولئك الذين يعانون الآلام والمصائب؟ المسلمون أمة واحدة (إنما المؤمنون إخوة) وبالتالي اخوة الاسلام هي الاساس التي تجمع المسلمين اينما كانوا، ونحن نقول ان المسؤولية كبيرة على الرغم مما يقدم من المملكة على مستوى القيادة ومسؤولي المؤسسات الموجودة على مستوى الاشخاص على الرغم مما يقدم لكن المسلمين في مزيد من الحاجة إلى هذا الامر نحن في الرابطة في برنامج افطار صائم مثلا لدينا برنامج على مختلف بلاد الأقليات المسلمة والبلاد المسلمة التي تحتاج هذا الامر هناك برامج وتواصل مع الناس الذين لديهم عناية بشؤون المسلمين الذين يحتاجون الى عون ومصاحف وفرش وإعانة في مساجدهم وغير ذلك سواء في ما يتعلق بهيئة الاغاثة أو مؤسسة مكة والمؤسسات الأخرى التي لديها عناية بهذا الأمر. التواصل مستمر طول العام لكننا نركز في رمضان على ذلك فمثل ما تركز الرابطة في موسم الحج على دعوتها الشخصيات الاسلامية من مختلف انحاء العالم سواء من البلاد المسلمة او من الاقليات ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين لاستضافة الشخصيات ليشهدوا موسم الحج ويشاركوا مع اخوانهم سواء مع علماء المملكة وغيرهم في المناسبات وغيرها كذلك فإن شهر رمضان له اهمية، ففي مكةالمكرمة يأتي عدد كبير اثناء رمضان وهناك تواصل معهم من خلال العديد من المؤسسات، لدينا معهد الائمة والدعاة في مكةالمكرمة له برامج في التواصل مع العلماء وبخاصة الذين يأتون الى مكة في العمرة والزيارة وأي وقت. المملكة والحرمان الشريفان ملتقى للمسلمين، انطلق الاسلام منها وقامت المملكة على كتاب الله وسنة رسوله وطبقت هذه الشريعة وتركز على التواصل مع المسلمين فهم حينما يأتون الى المملكة يأتون الى اخوانهم وإلى بلد المسلمين وقبلتهم ومكان حجهم، نحن في الرابطة بل مؤسسات الدولة على مستوى وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد وغيرها من الوزارات لها تواصل وتعاون كل في اختصاصه، فالأمة الاسلامية جسد واحد وطبعا هذا الضعف الذي يمر بها والطائفية التي انتشرت فيها والنزاعات والخلافات وغير ذلك من أسباب ضعف التواصل بين المسلمين انفسهم، سواء ما يجري في العراق وسوريا واليمن ومناطق اخرى في البلاد الاسلامية وراءه من يريد الاساءة للأمة وتفريق الصف، فنحن علينا ان نركز في رمضان على الاستفادة من هذا الشهر وهو شهر العبادة وإتاحة الفرصة لأي انسان يريد ان يقدم الخير. تأهيل الدعاة كيف ترى مستوى تأهيل الدعاة بشكل عام وخاصة فيما يتعلق بالقائمين على هذا المجال في دول الأقليات المسلمة؟ تأهيل الدعاة لدينا في المملكة وكثير من الدول مع الاسف يحتاج مراجعة بمعنى ضرورة ان يكون الداعية او طالب العلم الذي يتحدث مع الناس لدعوتهم أو التعريف بالإسلام على معرفة بأوضاعهم النفسية والاجتماعية بالتاريخ الذي مروا به ومرت به بلادهم. حينما نذهب لأفريقيا او جنوب شرق اسيا او بلاد الاقليات نجد ان كثيرا منهم عندما تتحدث عن تاريخه وأسرته والجوانب الايجابية في تلك البلد ينفتح امامك وبالتالي يستوعب الشيء الذي تريده منه. فنحن في حاجة إلى أن يكون الداعية مؤهلا باللغات الاجنبية ومؤهلا في المجال النفسي والتربوي. وشيء مؤلم ان بعض الفرق والطوائف التي لا تسير على الطريق الصحيح تجد انها تهتم بهذا الامر وتعتني به بتقديم اعانات وأشياء للناس قبل ان يدخلوا في هذا المجال ولهذا اهتمت رابطة العالم الاسلامي بهذا المجال ولهذا نحن لدينا هيئة عالمية للإغاثة وهذه الهيئة لها مجالات عديدة في انحاء العالم تقدم الاغاثة للناس قبل ان يكون هناك حديث عن الجانب الذي يتعلق بالدعوة او الجانب الاسلامي فإذا انحلت مشاكلهم كان لديهم استعداد ليسمعوا ما تريد. كذلك لدينا هيئة عالمية هي اطباء عبر القارات تذهب لمعالجة الناس والنظر في اوضاعهم الصحية وما يتعلق بها اضافة إلى العديد من الهيئات التي تنظر للمشكلات العامة للمجتمع. تجد مثلا حينما تذهب لأي دولة افريقية تجد انهم بحاجة ماسة إلى التعليم وإلى الرؤية الصحيحة التي ينبغي ان يسيروا عليها فإذا شعرت أن هذه المؤسسة او الهيئة او الدعاة يهتمون بهذا الامر ويحرصون عليه وينظرون للوسائل الحديثة المناسبة تجد أن تأثيرهم في مجال الدعوة او التعريف بالإسلام اكثر من غيره. مسؤولية النخب لكن ما مسؤولية النخب والشخصيات الإسلامية في هذا الجانب وكذلك في التصدي لكل ما يهدد الأمة ومستقبلها؟ وحدة المسلمين هدف، والأمة يجب أن تركز على ذلك، والرابطة عقدت اكثر من مؤتمر يتعلق بهذا الجانب ولديها برامج وخطط في مجالات عديدة ولكن المسألة اكبر تحتاج إلى جهد ضخم تتواصل فيه العديد من المؤسسات سواء الشعبية أو الرسمية في العالم الاسلامي. الأمة منذ مئات السنين وهي تعاني من مشكلات، نحن الآن في القرن الخامس عشر الهجري وإذا نظر الانسان الى اجتماع الامة في عصر الصحابة والتابعين وغيرهم يجد أن الضعف في الامة حصل بعد ذلك. المملكة حينما وحدها الملك عبدالعزيز رحمه الله كان على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وجمع مختلف الفئات والاجناس على هذا المنطلق بل حتى ان المملكة وجهت الدعوة للعالم الاسلامي فيما يتعلق بالتضامن الاسلامي، كان لجلالة الملك فيصل رحمه الله دور رئيسي بارز في جمع الامة الاسلامية وتضامنهم، وكذلك فيما بعد الملك خالد والملك فهد والملك عبدالله رحم الله الجميع والآن الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله يركز على هذا الجانب وهو عملية اجتماع المسلمين على المنطلق الصحيح للاسلام، هناك تحديات كبيرة سواء كانت داخل الامة الاسلامية او الخارج، هذه تحتاج الى برامج في المجال التربوي والاعلامي والتثقيفي على الاقل على اسس الاسلام، قد تكون هناك خلافات مذهبية او في بعض الآراء لكل بيئة لها وضع خاص بها، لكن ينبغي التركيز على الأسس والمنطلقات، لكن التحدي كيف ان المسلمين يجمعون على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وعلى الهدف الاساسي الذي قام عليه الاسلام باعتباره رسالة عالمية، قال تعالى: (وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين) وهذا الذي ينبغي ان نركز عليه، وأن نواجه التحديات الخارجية وبخاصة العولمة التي تريد ان تؤثر على المسلمين وعلاقتهم مع بعضهم البعض، أحيانا نسمع مع الأسف عن الاسلام البديل، بمعنى ان المغرضين والمعادين للاسلام الصحيح يشجعون على الاسلام الذي ليس صحيحا. الإسلام الصحيح وكيف نغير هذه الصورة المرسومة لدى الغرب عن الإسلام، ربما أكثرهم لا يعرف الإسلام الصحيح؟ تغير الصورة بأساليبنا في ما بيننا، خذ أي دولة إسلامية مثلا، لماذا قامت فيها فرق وطوائف وأحزاب سياسية لها توجه ديني وغير ذلك، السبب في ذلك ان هذه الدول لم تعتن العناية الصحيحة بالاسلام، لا في المناهج الدراسية ولا في المناهج العملية، بل احيانا تجد بعض المسؤولين في تلك الدول يقفون ضد الجانب الاسلامي، بينما المملكة حينما اهتمت بالاسلام، أنتج ذلك نعمة عظيمة في اجتماع كلمتها وفي توافق الشعب مع قيادته على منهج صحيح ثابت واحد، وبالتالي ينبغي أن تكون هناك مراجعات في الدول الاسلامية للطريقة التي تسير عليها في التعامل مع الاسلام وبالتالي تبتعد عن الطوائف والفرق والطائفية. نحن في المملكة لدينا العديد من الجوانب الايجابية، فالوسائل الاعلامية السعودية المختلفة كلها تنقل وتسهم في بيان الاسلام والتعريف به بشكل صحيح، وكذا نجد قنوات فضائية وإن كانت غير سعودية لها اسهامات في هذا المجال لكننا نريد استراتيجية اعلامية على مستوى الامة الاسلامية، لدينا هيئة عالمية للإعلام الاسلامي لكن للأسف الى الآن لم تحقق الشيء الذي نطمح إليه، انما لا يمكن ان تواجه هذه المشكلات والتحديات في الأمة الا بوضع خطط مشتركة تتعاون فيها الجهود الرسمية مع الجهود الشعبية.