أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح بن محمد آل طالب المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه. وقال في خطبة الجمعة أمس في المسجد الحرام: إن في رمضان يلهج الناس بالدعاء جماعات وفرادى في تضرع وابتهال وخشوع وإقبال يرجون المولى العظيم ويسألونه خير ما عنده وهو الواسع الكريم ويكون الدعاء أحرى بالإجابة وأعظم أثرا إذا تفهم الإنسان ألفاظه وعرف معانيه. وأوضح أن أخطر داء يصيب الأمة أن تكون عباداتها رسوما وأشكالا فيدب الوهن ويسري الضعف وتغدو الأمة جسدا بلا روح وتجد من يقوم ويقعد في الصلاة ثم لا تنهاه صلاته عن المنكر ولا تجد لها في حياته أثرا يذكر وآخرون يمسكون عن الطعام والشراب فحسب، مستشهدا بقوله صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه»، داعيا إلى إحضار القلوب وتدبر الدعاء والإلحاح على الله في الدعاء. وبين فضيلته أن في أحوال الأمة المتقلبة وواقعها المؤلم ومع كل حزن أو مصاب على فرد أو جماعة، كل تلك النفحات الربانية جعلت مفيدة للناس لتحويلها من هم إلى فرج ومن ضيق إلى سعة ومن محنة إلى منحة والواجب أن يتعرض لها المكروبون والمهمومون والمقهورون والمستضعفون في الأرض فإن الرب العظيم قادر مقتدر ظاهر عزيز قهار بيده الملك وهو على كل شيء قدير لا يعجزه مكر الماكرين ولا كيد الكائدين بل هو فعال لما يريد أمره بين الكاف والنون سبحانه وبحمده. وأفاد فضيلته أن صوت عبد نقي تقي يدعو ربه في ذلة وخشوع ورجاء وخوف لهو أحب إلى الباري مما سواه وإذا كان المنان يقبل العاصين المفرطين فرحا بتوبتهم فما نظن أنه فاعل مع العبد الأواه المنيب وما أحوجنا إلى الدعاء في كل وقت وفي هذا الوقت الذي كثرت فيه الفتن واشتدت فيه عقد الحياة وضاقت معايش الناس وتواترت المصائب الخاصة والعامة ولا ينجي الإنسان إلا رجوعه إلى ربه ودعائه وابتهاله واليقين أن الفرج من عنده مطالبا المسلمين بالدعاء. وقال: إن الله يتفضل على عباده الصالحين ويكرم فيه الصائم من المخلصين فهذا هو شهر الدعاء ووقت إنزال الحاجات من الكريم الرحيم، فادعوا الله لأنفسكم ولأهليكم ووالديكم ولذرياتكم وولاة أمركم ولمن يدافعون عنكم في ثغور بلادكم فحق لهم أن تدعو لهم. من جهته، حذر إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي من الغفلة موصيا المسلمين بتقوى الله عز وجل للفوز برضوان الله والجنات. وقال في خطبة الجمعة أمس المسجد النبوي: احذروا الغفلة وإياكم بتأخير التوبة فإن الأماني الباطلة مردية، وقد تفضل الله على خلقه بالنعم الظاهرة والباطنة، فأما المؤمنون فقد شكروها وأما أعداء الله فقد كفروها، مستشهدا بقوله تعالى: (ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد)، وما شرعه الله من عبادات وفرائض وما حرمه من محرمات وما زجر عنه من المنهيات تكريم من الرب للمكلفين وطهارة وزكاة وإعداد للمكلف وتأهيل للعبد ليكون خالدا في جنات النعيم مع النبيين والصدقيين والشهداء والصالحين. وأكد أن من ظلم نفسه بالشرك في العبادة والبدع المضادة لدين الله والنفاق الباطن الذي يبغض صاحبه أحكام القرآن والسنة لا ينفعه عمل صالح ولا يدخل الجنة إلا أن يتوب إلى ربه تعالى. وبين الحذيفي، أن العبادات شرعت لحكم عظيمة ومقاصد جليلة عالية، فإن أثمرت تلك العبادات وتحققت حكمها ومقاصدها في المكلف نفعت صاحبها أعظم النفع، وإن خلت العبادات من الحكم التي شرعت لها كانت حجة على صاحبها، مشيرا إلى أن الصيام شرع للتقوى والإحسان إلى الخلق، حيث جمع الله في هذا الشهر مضاعفة الصلوات المفروضة والتطوع في السنن بكثرة النوافل ليلا ونهارا والزكاة لمن جعل رمضان وقتا لزكاة ماله والنفقات في أبواب الخير، وشرع في العمرة لمن تيسر له وخصة بنزول القرآن الكريم، وحفظ فيه الأمة من مردة الشياطين، وتفضل الله فيه بإجابة الدعاء للصائمين. ودعا فضيلته المسلمين إلى اغتنام هذا الشهر المبارك بالعمل الصالح وتطهير أموالهم بالزكاة فمن لم يزكي ماله كان عذابا له وشرا عليه، وبتجنب المحرمات والشبهات في أموالهم فالمأكل الحرام يمنع قبول الدعاء والأعمال الصالحات، فالزكاة عبادة للرب تعالى وحق للفقراء، والذكر لأنه من أعظم الأعمال والقرآن أفضل الذكر وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخص القرآن بزيادة التلاوة في رمضان وكان جبريل يدارسه القرآن فيه كما ثبت في الصحيحين. وحذر إمام وخطيب المسجد النبوي المسلمين من عدم التهاون في الصغائر فهي من المهلكات ففي الحديث قال الرسول صلى الله عليه وسلم (إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه).