حذر إمام وخطيب المسجد النبوي، الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي، من الغفلة موصياً المسلمين بتقوى الله عز وجل للفوز برضوان الله والجنات. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد النبوي: احذروا الغفلة، وإياكم وتأخير التوبة، فإن الأماني الباطلة مردية, وقد تفضل الله على خلقه بالنعم الظاهرة والباطنة, فأما المؤمنون فقد شكروها، وأما أعداء الله فقد كفروها, مستشهداً بقوله تعالى: (وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ), وما شرعه الله من عبادات وفرائض، وما حرمه من محرمات، وما زجر عنه من المنهيات؛ تكريماً من الرب للمكلفين وطهارة وزكاة وإعداداً للمكلف، وتأهيلاً للعبد ليكون خالداً في جنات النعيم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. وأضاف فضيلته قائلاً: إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً مستشهداً بقوله تعالى: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَام عَلَيْكُمْ اُدْخُلُوا الْجَنَّة بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) وقوله تعالى: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ), فالمؤمنون طابت أعمالهم فطابت أحوالهم وأموالهم, مشيراً إلى أن التوحيد الخالص هو الذي يطهر العبد ويزكي الأعمال ويصححها ويضاعفها ويطيبها وجميع الصالحات تبع لتوحيد الله في العبادة. وأكد فضيلته أن من ظلم نفسه بالشرك في العبادة، والبدع المضادة لدين الله، والنفاق الباطن الذي يبغض صاحبه أحكام القرآن والسنة لا ينفعه عمل صالح ولا يدخل الجنة إلا أن يتوب إلى ربه تعالى مستدلاً بقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ) وقوله تعالى: (فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)، فالشفاعة لا تكون إلا للموحدين وإن كانوا قد ارتكبوا بعض الكبائر. وبين فضيلة الشيخ الحذيفي، أن العبادات شرعت لحكم عظيمة ومقاصد جليلة عالية, فإن أثمرت تلك العبادات وتحققت حكمها ومقاصدها في المكلف نفعت صاحبها أعظم النفع, وإن خلت العبادات من الحكم التي شرعت لها كانت حجت على صاحبها, مشيراً إلى أن الصيام شرع للتقوى والإحسان إلى الخلق، حيث جمع الله في هذا الشهر المبارك مضاعفة الصلوات المفروضة والتطوع في السنن بكثرة النوافل ليلاً ونهاراً والزكاة لمن جعل رمضان وقتاً لزكاة ماله والنفقات في أبواب الخير, وشرع في العمرة لمن تيسر له، وخصه بنزول القرآن الكريم, وحفظ فيه الأمة من مردة الشياطين, وتفضل الله فيه بإجابة الدعاء للصائمين. ودعا فضيلته المسلمين إلى اغتنام هذا الشهر المبارك بالعمل الصالح، وتطهير أموالهم بالزكاة فمن لم يزكِّ ماله كان عذاباً له وشراً عليه, وبتجنب المحرمات والشبهات في أموالهم فالمأكل الحرام يمنع قبول الدعاء والأعمال الصالحات, فالزكاة عبادة للرب تعالى وحق للفقراء, والذكر لأنه من أعظم الأعمال والقرآن أفضل الذكر، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخص القرآن بزيادة التلاوة في رمضان، وكان جبريل يدارسه القرآن فيه كما ثبت في الصحيحين. وحذر إمام وخطيب المسجد النبوي المسلمين من التهاون في الصغائر، فهي من المهلكات ففي الحديث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إياكم وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ).