طرقات رئيسية وشوارع فرعية تشهد كثافة غير اعتيادية لم يسبق أن شهدتها عروس البحر الأحمر. قائدو المركبات بين صابر ينتظر الفرج وبين مخالف يضرب بالأنظمة خلفه في سبيل النفاذ من سلسلة الزحام. مشاريع ضخمة تشهدها المحافظة هنا وهناك أحالت العروس إلى حلبة تتصارع فيها المركبات والشاحنات لاختراق كثافة المرور التي خلفتها المشاريع والمتأخرة والحوادث المرورية والسلوكيات الخاطئة. انطلقت وزميلي المصور غسان الجحدلي من مقر «عكاظ» في حي الرحاب إلى طريق الحرمين عبر جسر فلسطين الشريان الرئيسي الثالث الرابط بين الشرق والغرب متجهين إلى جسر الجامعة، لرصد حركة المرور وتشخيص أسباب الكثافة التي يتحدث عنها الجميع صغيرا وكبيرا.لكننا اضطررنا للبقاء ساعة كاملة لتجاوز بضعة كيلومترات لا تتعدى الخمسة فيما لو ارتجلنا السير على الأقدام لعبرناها في نصف ساعة. أين المتجمهرون وقبل أن يذوب الزحام وتحديدا أمام بوابة جامعة الملك عبدالعزيز الشرقية، حيث يقع جسر قطار الحرمين القادم من مكةالمكرمة، وجدنا دورية أمنية تقف في الجانب الآخر للطريق والذي كان يسير بسلاسة متناهية فيما قطع رجل المرور الطريق السريع لتحرير مركبتين كانتا السبب في إغلاق المسار الأول للطريق، الذي تعبره آلاف السيارات والشاحنات، ولم نستطع الوقوف لمعرفة أسباب الحادث خشية أن نتسبب في تعثر الحركة المرورية، فيما ارتجل المصور غسان الجحدلي إلى الطريق الموازي لرصد الحادث بعدسته، وسط مشهد غريب في الجانب المعاكس، حيث غاب التجمهر وحضرت الانسيابية، ليتبادر إلي أمران، إما أن يكون مستوى الوعي المروري لدى قائدي المركبات تغير للأفضل، أو أن ارتفاع درجات الحرارة في أوقات الظهيرة كان الرادع لهم. الاتجاه المعاكس بعد أن انتهى الزحام عند جسر الجامعة قررنا الانتقال إلى الطريق المعاكس باتجاه الشمال، لنجد الحركة المرورية تسير بشكل جيد أيضا، وحتى جسر بريمان فيما كانت المركبات تسير بسرعات منخفضة ولكن دون توقف. جسر بريمان ما إن أخذنا طريق العودة عبر جسر بريمان حتى وقعنا في زحام لا يخلو من المخالفات المرورية التي يتسبب فيها قائدو المركبات بعد أن ضاقت بهم الطرقات وباتوا يبحثون عن منفذ للهرب من الزحام، ويتنقلون من مسار إلى آخر دون احترام لأنظمة السير، غير مدركين أنهم يضعون أنفسهم والآخرين بمخالفاتهم عائقا أكبر وتعقيدا للحركة المرورية. وبدأنا نسير ببطء شديد والدقائق تمضي سريعا دون أن نتحرك، واستمر المطاف بنا إلى أن وجدنا منفذا قبل جسر الأمير محمد بن عبدالعزيز «التحلية» لنهرب دون رجعة. شرايين مبتورة يمثل جسر الأمير محمد بن عبدالعزيز وجسر الملك عبدالله، شريانان مهمان لانسيابية الحركة المرورية للانتقال من الشرق إلى الغرب، حيث تشهد المنطقة ما بين الجسرين زحاما يزداد في أوقات الذروة، ولا يوجد مفر منه بسبب مشاريع الجسور إضافة إلى مسار طريق قطار الحرمين الذي يتم تنفيذه في الجزيرة الوسطية لطريق الحرمين. تعثر «التحلية» ووصف خالد الغامدي من سكان حي السامر العمل في جسر التحلية بالبطيء جدا مقارنة بالجسور الأخرى، مبينا أنه تم الانتهاء من عمليات الإنشاء للجسر ولم يتبق سوى تعبيد وسفلتة المداخل والمخارج النافذة من الجسر ولا تستحق برأيه كل هذا التأخير. انتقلت وزميلي المصور إلى موقع الجسر لمعاينة حركة العمل في الموقع فكان المشهد على خلاف ما يقال، حيث كانت المعدات تعمل بشكل جيد في جميع الاتجاهات من أجل إنهاء المشروع. التقينا بأحد المهندسين في موقع العمل والذي سألناه عما إذا كان المشروع متعثرا، لكنه رفض التصريح لعدم الاختصاص، مكتفيا بقوله إن العمل في الجسر سينتهي قريبا وسيتم تدشينه خلال الأيام القادمة.