خبر هدم جسر بريمان لصالح مشروع قطار الحرمين كان له وقعه عند معظم سكان محافظة جدة، فالجسر العتيق كان جزءاً من مشاهداتهم أثناء تنقلاتهم اليومية داخل المدينة، وكان شاهد عصر عايش مراحل تطور جدة وتوسعها شمالاً وشرقاً. أهمية الجسر كانت تتزايد يوماً بعد يوم وهو يقدم خدمة كبيرة في تيسير حركة المركبات ودخولها إلى أحياء شرق وغرب الخط السريع للقادمين من شمال وجنوب جدة، ونتيجة للنمو السكاني وازدياد عدد المركبات كثر الزحام عليه ولكن بقي كما هو صرحاً لا يتطور لثلاثين عاماً.العلاقة بين جسر بريمان وسكان شرق جدة كانت وطيدة ولكنها لا تحمل وداً، فسكان تلك المنطقة يعتبرون أنفسهم عملاء للجسر من الدرجة الأولى كونه معبرهم الوحيد نحو الشمال والغرب لمدة طويلة ومع ذلك فهم يتوجسون خوفاً عندما يعبرون الجسر لأنه أصبح عبئاً مرورياً بسبب الزحام وكثرة الحوادث. ولأن الشاحنات كانت تشكل نسبة كبيرة من المركبات التي تعبر الجسر، فقد باتت هي الهاجس الأكبر ومصدر القلق الدائم لمرتادي الجسر. منظر اصطفاف الشاحنات بمختلف أحجامها مع السيارات الصغيرة كان يثير الخوف ويدعو للحذر، ومن يسلك الجسر لأول مرة ويضطر للوقوف فوقه بسبب الإشارات الضوئية قد يشعر بالرعب نتيجة لبعض الاهتزازت البسيطة التي تسببها الشاحنات، ولا يخلو المنظر أبداً من مشهد شاحنات الصرف الصحي وهي تتمخطر فوق الجسر متجهة لتفرغ حمولتها إلى مواقع معينة ثم تعود فارغة.مع تزايد النمو السكاني وامتداد الأحياء في مختلف الاتجاهات، كثرت المباني وازداد عدد المركبات في محافظة جدة ومع ذلك لم يتم تطوير جسر بريمان فأصبح غير قادر على تقديم ما كان يقدمه في بدايات وجوده وبات معيقاً للحركة المرورية. وللأسف بقي الجسر على وضعه السيء أعواماً عديدة تشاهده أعين ممثلي أمانة محافظة جدة ووزارة النقل الذين لم يحركوا ساكناً لتطويره أو إحلال جسور أخرى بديلة عنه لاستيعاب الكثافة المرورية العالية وتيسير حركة الشاحنات والسيارات بدلاً من تقارب المسافات بينهم على امتداد الجسر في منظر مخيف يتكرر يومياً. مشروع قطار الحرمين جعل أهل جدة يتنفسون الصعداء، حيث سيتم إنشاء جسر جديد بديلاً عن جسر بريمان وبارتفاع يعادل 8 أمتار ليتناسب مع مسار قطار الحرمين المزمع إقامته تحت الجسر الجديد ويربط بين مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، وتكون اتجاهات الجسر الجديدة حرة الحركة وبالتالي ستكون الحركة أكثر انسيابية من جميع الاتجاهات حتي تسهم في تيسير الحركة المرورية القائمة والمستقبلية، ولكن فرحة إزالة جسر بريمان شابها استياء أهالي جدة من التحويلات المرورية التي أنشئت لصالح تنفيذ المشروع، فالطريق أصبح طويلاً للالتفاف لطريق الحرمين من أجل التنقل بين شرق وغرب جدة باستخدام الجسور الأخرى أو باستخدام العبارات أسفل طريق الحرمين. مدير إدارة مرور جدة يقول إن إدارته مضطرة لعمل ذلك لعدم وجود حلول أخرى ووزارة النقل تؤكد على أن المشروع سينتهي في وقته، إذن ليس على أهل جدة إلا الصبر وهم الذين عانوا من ويلات الجسر لأعوام عديدة. ومن المؤكد أنَ ذكريات الجسر الأليمة ستبقى حاضرة في أذهانهم وهم يسلكون التحويلات المرورية، بعضهم يردد وداعاً أيها الجسر العجوز إذهب غير مأسوف عليك، فكم مرة ارتقيتك وعلى امتدادك أرتال من الشاحنات وبدت سيارتي تهتز ويهتز معها قلبي خوفاً من الهاوية، ومنهم من قد يرفع قبعته احتراماً للجسر تقديرا لتحمله فوق طاقته وبقائه في الخدمة لمدة 30 عاماً رغم إهمال صيانته وسوء تصميمه الهندسي الذي لا يتناسب مع أهمية موقعه وكثافة الحركة عليه.