وصف المفكر السعودي توفيق السيف السلام بالمصطلح الإنساني والحضاري الذي نتعامل معه نحن المسلمون يوميا إلا أننا لا نفكر ولا نعي مضامينه بما يحمله من دعوة للنفس والآخر إلى السكينة والهدوء والاحترام المتبادل وتمرير رسالة الأمان كون السلام اسم من أسماء الله تعالى، والنبي عليه الصلاة والسلام رسول سلام ومحبة ووئام وتواصل، ولفت السيف إلى أن السلام وسيط ينقل الإنسان من فرديته إلى الثنائية والمجموع ومن التعارف إلى التآلف من خلال اقتراح صيغة تتمثل في البدء بالسلام وهو موضع خيرية (خيركم من يبدأ بالسلام) .. وأضاف: إن الوعي بسيرة الإنسان الكامل محمد صلى الله عليه وسلم نجد أن حياته عامرة بالسلام المعنوي والحسي، مشيرا إلى أن إشكالية المسلم اليوم هي أن رغباته وأهواءه وأناه السفلى تسيطر على الأنا العليا المتمثلة في العقل وذلك ما يدفع لوصف بعض الناس بالحمق باعتبارهم غير عقلاء.. وأبدى السيف أسفه أن بعضنا لا يتحمل أن يكون الآخر مختلفا عنه ناهيك عن أن يكون مخالفا ولذا يتخلى البعض عن إلقاء السلام من باب تزكية الذات أنه هو الأميز أو الأصح أو الأعلى ويقع في هجر سنة محمودة.. ورد في الأثر الصحيح ( ألق السلام على من عرفت ومن لم تعرف)، مضيفا أن السلام على من عرفت انتقال إلى مرحلة تعاون وشراكة، ومن لم تعرف كونه يكسر حاجز الجهل بالآخر أيا كان، وأبان السيف أن بعض أفراد المجتمع المسلم يشغل نفسه كثيرا بتعريف الآخر أكثر مما يعتني بالتعرف عليه وهذا منافٍ لمعاني السلام، فالتعريف مدعاة للوقوع في انتهاك الخصوصية وهذا محرم شرعا ومجرم قانونا، بينما التعارف دعوة ربانية (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا).. التعارف درجة تالية من درجات السلام وكذلك المحبة وفي الحديث «لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم».. ودعا السيف إلى الحد من تحميل المسلم أخاه المسلم تبعات الماضي كون كل إنسان مسؤول عن تصرفه وشبه العلاقات البشرية بالكواكب السيارة إذ إن كل كوكب أو منظومة تعمل مع الأخرى وفق نظام دقيق ومنسجم ولأنها لا تتصادم تؤدي عملها على أكمل وجه بينما لو دخلت على بعضها لربما اختل نظام الكون «وكل في فلك يسبحون».. وأكد السيف على أن من معاني السلام أن الهزيمة أحيانا تكون أجمل من الانتصار وربما كان التراجع الذي يحقن دمك ويحفظ عرضك ومالك خيرا من التقدم الذي يكلف أثمانا باهظة كون التراجع يوقف أو يحد من مسلسل الخسائر.. وتساءل : هل ونحن نقرأ ( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)، وهل نتوقف عند مضامينها الكريمة والعظيمة والحضارية أم نمر مرور الكرام؟.. وأضاف: «لا أدري لماذا نحن متوترون ؟ ولماذا لا بد لنا من طرف مقابل نفرغ فيه شحنات توترنا وغضبنا وقلقنا؟ أليس كل ذلك يتنافى مع حضارية السلام؟»..